للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا مرة، فإني دخلت إليه، وفي وجهه تخثر، وعنده أبو جعفر الشطرنجي، فقال لنا: استبقوا، فمن أصاب ما في نفسي فله عشرة آلاف درهم، فوقع في نفسي أنه يريد عنان - فقال أبو جعفر بن أبي حفص الشطرنجي بجرأة العميان: الخفيف

مجلس ينسب السرور إليه ... لمحب ريحانه ذكراك

فقال: أحسنت، يا فضل، أعطه عشرة آلاف درهم، ثم قال: قد حضرني بيت ثان، قال: هات، فأنشد:

كلما دارت الزجاجة زادت ... هـ حنيناً ولوعة فبكاك

قال: أحسنت، يا فضل، أعطه عشرة آلاف درهم. قال الأصمعي: فنزل بي ما لم ينزل بي قط مثله، إن ابن أبي حفص يرجع بعشرين ألف دهم وبفخر ذلك المجلس، وأرجع صفراً منهما جميعاً، ثم حضرني بيت، فقلت: يا أمير المؤمنين، قد حضرني ثالث، قال: هاته، فأنشأت أقول:

لم ينلك المنى بأن تحضريني ... وتجافت أمنيتي عن سواك

فقال: أحسنت، يا فضل، أعطه عشرين ألف درهم ثم قال هارون: قد حضرني رابع، فقلنا: إن رأى أمير المؤمنين أن ينشده فعل، فأنشأ يقول:

فتمنيت أن يغشيني الله ... نعاسا لعل عيني تراك

فقلنا: يا أمير المؤمنين، أنت أشعر منا، فجوائزنا لأمير المؤمنين، فقال: جوائزكما لكما، وانصرفا.

قال أبو هفان: أهديت إلى الرشيد جارية في غاية الجمال والكمال، فخلا بها أياماً، وأخرج كل قينة من داره، واصطبح يوماً، فكان من حضر من جواريه للغناء والخدمة في الشراب وغيره زهاء ألفي جارية في أحسن زي، من كل نوع من أنواع الثياب والجواهر، واتصل الخبر بأم جعفر فغلظ عليها ذلك فأرسلت إلى علية تشكو إليها، فأرسلت إليها علية: لا يهولنك هذا، فوالله لأردنه، وأنا أعمل شعراً، وأصوغ فيه لحناً، وأطرحه على جواري،

<<  <  ج: ص:  >  >>