فأما من يغضبه لِنَفْسِهِ لَا لِرَبِّهِ، أَوْ يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ وَلَا يُعْطِي غَيْرَهُ. فَهَذَا الْقِسْمُ الرَّابِعُ، شَرُّ الْخَلْقِ؛ لَا يَصْلُحُ بِهِمْ دِينٌ وَلَا دُنْيَا. كَمَا أَنَّ الصَّالِحِينَ أَرْبَابَ السِّيَاسَةِ الْكَامِلَةِ، هُمْ الَّذِينَ قَامُوا بِالْوَاجِبَاتِ وَتَرَكُوا الْمُحَرَّمَاتِ، وَهُمْ الَّذِينَ يُعْطُونَ مَا يُصْلِحُ الدِّينَ بِعَطَائِهِ، وَلَا يَأْخُذُونَ إلَّا مَا أُبِيحَ لَهُمْ، وَيَغْضَبُونَ لِرَبِّهِمْ إذَا اُنْتُهِكَتْ محارمه، ويعفون عن حقوقهم، وهذه أَخْلَاقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بذله ودفعه، وهي أكمل الأمور. وكل ما كَانَ إلَيْهَا أَقْرَبَ، كَانَ أَفْضَلَ. فَلْيَجْتَهِدْ الْمُسْلِمُ في التقرب إليها بجهده، وَيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قُصُورِهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ بَعْدَ أَنْ يَعْرِفَ كَمَالَ مَا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الدِّينِ، فَهَذَا فِي قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] (سورة النساء: من الآية ٥٨) والله أعلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute