للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فَحَصَلَ الرِّزْقُ وَالنَّصْرُ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ الزَّانِي أَوْ السَّارِقِ أَوْ الشَّارِبِ أَوْ قاطع الطريق ونحوهم مَالٌ تُعَطَّلُ بِهِ الْحُدُودُ؛ لَا لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَا لِغَيْرِهِ. وَهَذَا الْمَالُ الْمَأْخُوذُ لِتَعْطِيلِ الْحَدِّ سُحْتٌ خَبِيثٌ، وَإِذَا فَعَلَ وَلِيُّ الْأَمْرِ ذَلِكَ فَقَدْ جَمَعَ فَسَادَيْنِ عَظِيمَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) : تَعْطِيلُ الْحَدِّ، و (الثاني) : أَكْلُ السُّحْتِ. فَتَرَكَ الْوَاجِبَ وَفَعَلَ الْمُحَرَّمَ. قَالَ الله تَعَالَى: {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة: ٦٣] (سورة المائدة: الآية ٦٣) . وقال الله تَعَالَى عَنْ الْيَهُودِ: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: ٤٢] (سورة المائدة: من الآية ٤٢) . لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ السُّحْتَ مِنْ الرِّشْوَةِ الَّتِي تُسَمَّى الْبِرْطِيلَ، وَتُسَمَّى أَحْيَانًا الْهَدِيَّةَ وَغَيْرَهَا. وَمَتَى أَكَلَ السُّحْتَ وَلِيُّ الْأَمْرِ احْتَاجَ أَنْ يَسْمَعَ الْكَذِبَ مِنْ شَهَادَةِ الزُّورِ وَغَيْرِهَا. وَقَدْ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ والمرتشي والرائش -الواسطة- الذي بَيْنَهُمَا» رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَ صَاحِبُهُ -وَكَانَ أَفْقَهُ مِنْهُ- نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ! اقْضِ بَيْنَنَا بكتاب الله، وائذن لي، فقال: قل. فَقَالَ: إنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا فِي أَهْلِ هَذَا -يَعْنِي أَجِيرًا- فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بمائة شاة وخادم. وإني سألت رجالاً من أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتخريب عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ. فَقَالَ: " والذي نفسي بيده، لأفضي! ن بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ: الْمِائَةُ وَالْخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ. وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَاسْأَلْهَا، فَإِنْ اعترفت

<<  <   >  >>