للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِلَى الصَّفِيِّ بْنِ شُكْرٍ (١) وَزِيْرُ العَادِلِ: أَنَّهُ قَدْ أَفْسَدَ عَقَائِدَ النَّاسِ، وَيَذْكُرُ التَّجْسِيْمَ عَلَى رَؤُوْسِ الأشهَادِ، فَكَتَبَ إِلَى وَالِي "مِصْرَ" بِنَفْيِهِ إِلَى "المَغْرِبِ" فَمَاتَ قَبْلَ وُصُوْلِ الكِتَابِ.

فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: "أَجْمَعَ الفُقَهَاءُ عَلَى الفَتْوَى بِكُفْرِهِ، وَأَنَّهُ مُبْتَدِعٌ" فَيَا للّهِ العَجَبُ، كَيْفَ يَقَعُ الإجْمَاعُ، وَأَحْفَظُ أَهْلِ وَقْتِهِ لِلْسُّنَّةِ، وَأَعْلَمُهُمْ بِهَا هُوَ المُخَالِفُ؟ وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَاضِي القُضَاءِ الشَّامِيُّ الشَّافِعِيُّ (٢) لَمَّا عُقِدَ لَهُ مَجْلِسٌ بِـ"بَغْدَادَ" وَنَاظَرَهُ الغَزَالِيُ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى خِلَافِ مَا عَمِلْتَ بِهِ، فَقَالَ الشَّامِيُّ: إِذَا كُنْتُ أَنَا الشَّيْخُ فِي هَذَا الوَقْتِ أُخَالِفكُمْ عَلَى مَا تَقُوْلُوْنَ، فَبِمَنْ يَنْعَقِدُ الإِجْمَاعُ؟! بِكَ، وَبِأَصْحَابِكَ؟! هَذَا مَعَ مُخَالَفَةِ فَقِيْهِ الإسْلَامِ فِي وَقْتِهِ الَّذِي يُقَالُ: إِنَّهُ لَمْ يَدْخُلِ "الشَّامَ" بَعْدَ الأوْزَاعِيِّ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَمَعَهُ خَلْقٌ مِنْ أَئِمَّةِ الفُقَهَاءِ، وَالمُنَاظِرِيْنَ، وَالمُحَدِّثِيْنَ، هَذَا فِي "الشَّامِ" خَاصَّةً، دَعْ المُخَالِفِيْنَ لِهَؤُلَاءِ، المُجتَمِعِيْنَ فِي سَائِرِ بِلَادِ المُسْلِمِيْنَ -"بَغْدَادَ" وَ"مِصْرَ" وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَمْصَارِ المُسْلِمِيْنَ- مَعَ إِجْمَاعِ السَّلَفِ المُنْعَقِدِ عَلَى مُوَافَقَةِ هَؤُلَاءِ المُخَالِفِيْنَ لَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ فِي المُخَالِفِيْنَ لِلْحَافِظِ مَنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِالسُّنَةِ وَالحَدِيْثِ وَالآثَارِ.

وَلَقَدْ عُقِدَ مَرَّةً مَجْلِسٌ لِشيْخِ الإِسْلامِ أَبِي العَبَّاسِ بْنِ تَيْمِيَّةَ، فَتَكَلَّمَ


(١) صَفِيُّ الدِّيْنِ بنُ شُكْرٍ الدُّمَيْرِيُّ، وَزِيْرُ العَادِلِ، ثُمَّ الكَامِل. ذَيْلُ الرَّوْضَتَيْنِ (٨١) وَالسُّلُوْكُ (١/ ١/ ١٧٦)، وَحُسْنُ المُحَاضَرَةِ (٢/ ٢١٦).
(٢) تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. يراجع: (١/ ٩١).