للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْ أَنْفِهِ شَيْئًا جَعَلَ ذلِكَ فِي عِمَامَتِهِ، وَرُبَّمَا بَرَى قَلَمًا فَيَتَحَفَّظُ مِنَ القُلَامَةِ، وَلَا يَدَعَهَا فِي المَسْجِدِ، وَكَانَ إِذَا أَفْتَى فِي مَسْأَلَةٍ يَتَحَرَّزُ فِيْهَا احْتِرَازًا كَثِيْرًا، حَتَّى كَانَ بَعْضُ الفُقَهَاءِ يَتَعَجَّبُ مِنْ فَتَاوِيْهِ، وَكَثْرَةِ احْتِرَازِهِ فِيْهَا، وَسَمِعْتُ مَنْ يَقُوْلُ: كَانَ يَكُوْنُ عَلَى ثَوْبِهِ غُبَارٌ، فَيَقُولُ لِي: اذْهَبْ فَانْفُضْهُ خَارِجَ المَسْجِدِ.

وَسَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هِبَةِ اللهِ الدِّمَشْقِيَّ، يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ عَبْدَ اللهِ البَطَائِحِيَّ - رَحِمَهُ اللهُ - يَقُوْلُ: أَشْكَلَتْ عَلَيَّ مَسْأَلَةً فِي الوَرَعِ، فَمَا وَجَدْتُ مَنْ أَفتَانِي فِيْهَا إِلَّا العِمَادَ - وَكَانَ رَحِمَهُ اللهُ - لَا يَرَى أَنْ يُخْرَجَ الحَصِيْرُ مِنَ المَسْجِدِ لِيُجْلَسَ عَلَيْهَا خَارِجَ المَسْجِدِ، وَالحَصِيْرُ الَّتِي لِلْمِحْرَابِ لَا يُجْلَسُ عَلَيْهَا خَارِجَ المِحْرَابِ.

وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي المَجْدِ الحَرْبِيَّ (١) يَقُوْلُ: كَانَ الشَّيْخُ العِمَادُ عِنْدَنَا بِـ "الحَرْبِيَّةِ" - يَعْنِي بِـ "بَغْدَادَ" - وَكَانَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَ اللهِ وَلَمْ يُسَمِّ، خَرَجَ فَسَمَّى ثُمَّ دَخَلَ، وَسَمِعْتُ مِنْ شَيْخِنَا وَإِمَامِنَا مُوَفَّقِ الدِّيْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيَّ، يَقُوْلُ: عُمْرِي أَعْرِفُهُ - يَعْنِي الشَّيْخَ العِمَادَ - وَكَانَ بَيْتُنَا قَرِيْبًا مِنْ بَيْتِهِمْ - يَعْنِي فِي أَرْضِ المَقْدِسِ - وَلَمَّا جِئْنَا إِلَى هُنَا، فَمَا افْتَرَقْنَا إِلَّا أَنْ يُسَافِرَ أَحَدُنَا، مَا عَرَفْتُ أَنَّهُ عَصَى اللهَ مَعْصِيَةً.

وَسَمِعْتُ الإِمَامَ أَبَا إِبْرَاهِيْمَ مَحَاسِنَ بْنَ عَبْدَ المَلِكِ التَّنُوْخِي (٢) يَقُوْلُ: كَانَ الشَّيْخُ العِمَادُ جَوْهَرَةَ العَصْرِ، وَذلِكَ أَنَّ وَاحِدًا يُصَاحِبُ شَخْصًا مُدَّةً


(١) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَرْجَمَتِهِ.
(٢) تُوُفِّيَ سَنَةَ (٦٤٣ هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.