غير أن هذا التجريد في إسناد حقوق الإنسان إلى ضمير الجماعة، لا يكفي في الوصول إلى العالمية التي تنشدها الإنسانية والتاريخ الإنساني.
يوضح لنا ذلك بجلاء، أن ضمير الجماعة، قد قبل في الزمان والمكان، ما يعد من أبشع المظالم وأكثرها مناقضة لفكرة حقوق الإنسان.
لقد قبل الضمير الإنساني في مجتمعات عديدة وأزمان معينة، لا سيما في الإمبراطوريات القديمة، وحتى في بعض النظم السياسية في العصر الحديث، وفي أوروبا بالذات، إهدار قيمة الحياة الإنسانية لأتفه الأسباب، وقبل إيقاع المظالم والمآسي بمجتمعات أخرى مخالفة في الدين أو العرق أو حتى في المصالح، وليس أدل على ذلك من قراءة سريعة للاستعمار الأوروبي في أفريقيا وآسيا.
إن ضمير الجماعة، لا يصلح مصدرا علويا لحقوق يفترض أنها تعم الإنسانية، ويستحقها الفرد باعتباره آدميا.