للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثانيا: الدلالات والمعاني الإعلامية في خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الفتح إن المتأمل في نصوص خطبة فتح مكة يدرك ما اشتملت عليه من الدلالات الإعلامية التي تؤكد فاعلية الإعلام النبوي في الإقناع، ولعل أهم هذه الدلالات ما يلي:

١ - البداية المثيرة للانتباه التي تؤكد على مسلمات الأمة الإسلامية الأساسية: في رفع شعار (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) ، وتبرز مقومات الشعار الجيد والناجح في جذب الانتباه وإثارة الاهتمام بسمة معينة بارزة يرى القائم بالاتصال أنها أكثر تأثيرا على الجمهور المستهدف (١) وهي هنا إبراز توحيد الألوهية، فالله وحده الذي أخلصت له جماعة المسلمين جميع أنواع العبادة هو الذي أيدها بنصره يوم الأحزاب، وهذا اليوم العظيم، {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران: ١٢٦] (٢) فجماعة المسلمين التي يقودها النبي محمد صلى الله عليه وسلم مؤيدة بنصر الله، فلا غالب لها، وهذا الرمز والشعار يساق لمجتمع قريش في مكة، الذي كان يظن أن قريشا مؤيدة ومحمية بحمى الله لها بحراستها لبيته وولايته، وهذه دعوى لا أساس لها في الواقع، فبيت الله ليس تركة يرثها الخلف عن السلف، إنه بيت الله يرثه أولياؤه المتقون، قال تعالى: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأنفال: ٣٤] (٣) هذا الشعار الذي رفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الفتح هو ذلك الشعار الذي


(١) انظر تفصيلا في هذا الجانب عند صفوت العالم، الشعارات والرموز الانتخابية، ط / ١، القاهرة: دار الطباعة الجامعية، ١٩٨٦م) ، ص: ١٣.
(٢) سورة آل عمران، آية: ١٢٦.
(٣) سورة الأنفال، الآية: ٣٤.

<<  <   >  >>