وهذا الأسلوب في الإقناع هو من أهم الأساليب لتحقيق الهدف الرئيسي للعملية الاتصالية في هذه الخطبة التي تعد من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، والتي تهدف إلى تغيير اتجاهات الرأي العام من الجاهلية إلى الإسلام، بالإضافة إلى نقل قيم الإسلام ومبادئه إلى هذا المجتمع , وإحلال العقائد السليمة والمعلومات الصحيحة مكان التصورات والقيم الجاهلية الفاسدة لبناء الرأي العام الإسلامي في المجتمع المكي على أسس ثابتة. وفي مقدمة هذه القيم هدر دماء الجاهلية وعلاقاتها الاجتماعية والاقتصادية، «ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو موضوع تحت قدمي إلا سدانة البيت وسقاية الحاج» ، ومنها أيضا التأكيد على مبدأ المساواة في الإسلام، والبعد عن النعرات الجاهلية والحمية العصبية، قال صلى الله عليه وسلم «يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية، وتعظيمها بالآباء، الناس من آدم، وآدم من تراب» وهذه المساواة هي التي تزيل الشحناء والبغضاء، وتورث المحبة وتدفع إلى التعاون والتآزر على الخير، لبناء المجتمع الفاضل.
٣ - الاستشهاد بالمصادر الموثوقة والتمسك بالدليل: أثناء مخاطبة الرأي العام في المجتمع المكي، والدليل قد يكون نصا من الوحي بشقيه، وقد يكون استقراء الأحداث من التاريخ وشواهد الواقع، كما جاء في الخطبة من التذكير بحادثة الفيل، وما هي عن أذهان أهل مكة في ذلك الزمان ببعيدة، وكذلك التذكير بنصر الله للمسلمين يوم الأحزاب، فقد كان ذلك مقدمة لهذا الفتح العظيم، وعنده أكد الرسول صلى الله عليه وسلم على مبدأ المساواة في الإسلام، ودعا إلى نبذ نعرة الحمية الجاهلية، وتلا قول الله تعالى: