المهاجرين وغلاما من الأنصار تنازعا فقال المهاجري: يا للمهاجرين! وقال الأنصاري: يا للأنصار! فسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم» فإذا كان من انتسب إلى المهاجرين واستنصر بهم على، أو إلى الأنصار واستنصر بهم يكون قد دعا بدعوى الجاهلية مع كونهما اسمين محبوبين لله سبحانه، وقد أثنى الله على أهلهما ثناء عظيما في قوله تعالى:{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}[التوبة: ١٠٠] الآية، فكيف تكون حال من انتسب إلى القومية واستنصر بها وغضب لها؟ أفلا يكون أولى ثم أولي بأن يكون قد دعا بدعوى الجاهلية؟ لا شك أن هذا من أوضح الإيضاحات.
ومن ذلك ما ثبت في الحديث الصحيح عن الحارث الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس أن يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن فذكرها، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن: السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جُثَى جهنم قيل يا رسول الله