أفرق جسمي في جسوم كثيرة ... وأحسو قراح الماء والماء بارد
أرأيت صورة الإنسان النبيل، يؤثر غيره بالطعام ويستعيض برشحات من الماء البارد يصفر بها وجهه وهو يأبى تضييع من نزلوا به، وحسبه أنه فرق جسمه في جسوم كثيرة.
احتفظ بهذه الصورة، ثم سل نفسك: أمدن عربية هذه التي تراها مزدحمة بأصحاب الفضول من المال النامي، ومع ذلك فقلما تؤوي يتيما، أو تغذو محروما. وما لنا نبحث عن الشمائل العربية المفقودة في بيئات مسخها الاستعمار وترك عليها طابع الحيوانية والتقطع، إنك ترى الواحد من أولئك يقول إنه عربي ولغة العرب لا تستقيم على فمه. ومن أعاجيب الليالي أن أسمع المذيع مثلا يقول: يا أخي المواطن، أحنا بنعمل إيه في هذه الأيام. وكان يستطيع أن يقول ما نعمل في هذه الأيام، ولكنه حريص على تخليد لغة الرعاع والتنكر للغة الفصحى وهي اللغة التي ترسل بها الإذاعات من جميع محطات العالم لمستمعيها على اختلاف ألسنتهم إذ أنه يخاطب المذيع قومه في أي عاصمة بلغة غير الفصحى، فهل من مظاهر الوفاء لعروبتنا أن نذيع نحن بلغة الرعاع؟