للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحقُّ الشفيعِ ثابتٌ إلا أن يتركَه.

والمالُ المكسوبُ عِوضَ عينٍ محرمةٍ، أو منفعةٍ محرمةٍ: إن كانت العينُ أو المنفعةُ مباحةً في نفْسِها، وإنما حرُمَتْ بالقصدِ؛ مثلُ مَن يبيعُ عنبًا لمن يتخذُه خمرًا، أو من يُستأجَرُ لعصرِ الخمرِ أو حَمْلِها، فهذا يفعلُه بالعِوَضِ؛ لكن لا يطيبُ له أكْلُه.

وأما إن كانت العينُ أو المنفعةُ محرمةً؛ كمهرِ البغيِّ، وثمنِ الخمرِ: فهنا لا يُقضَى له به قبلَ القبضِ، ولو أعطاه إيَّاه؛ لم يُحكَمْ برَدِّه إلى باذِلِه، فإن هذا معونةٌ لهم على المعاصي؛ إذا جمع لهم بينَ العوضِ والمعوضِ، ولا يَحِلُّ هذا المالُ للبَغِيِّ والخَمَّارِ ونحوِهما؛ لكن يُصرَفُ في مصالحِ المسلمِينَ، فإن تابَتْ هذه البَغِيُّ وهذا الخَمَّارُ، وكانوا فقراءَ؛ جاز أن يُصرَفَ إليهم من هذا المالِ مقدارُ حاجتِهم، فإن يقدرْ يتَّجِر، أو يعمل صَنْعةً؛ كالنَّسْجِ والغزلِ؛ أُعطِي ما يكونُ له رأسَ مالٍ، وإن اقتَرَضوا منه شيئًا ليكتسبوا به، ولم يرُدُّوا عوضَ القرضِ؛ [كان] (١) أحسَنَ.

وأما إذا تصدَّقَ به لاعتقادِه أنه لا يحلُّ عليه أن يتصدقَ به؛ هذا يُثابُ على ذلك.

وأما إذا تصدَّقَ به كما يتصدَّقُ المالكُ بملكِه؛ فهذا لا يقبلُه اللهُ، إن اللهَ لا يقبَلُ إلا الطيبَ، فهذا خبيثٌ؛ كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَهْرُ البَغِيِّ خبيثٌ» (٢).


(١) ما بين المعقوفتين زيادة من مجموع الفتاوى (٢٩/ ٣٠٩).
(٢) رواه مسلم (١٥٦٨) من حديث رافع بن خديج رضي الله عنه.
وينظر أصل الفتوى من قوله: (والمالُ المكسوبُ عِوضَ … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٢٩/ ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>