للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا أعاد إليه العينَ الموهوبةَ؛ فلا شيءَ له غيرُها، لا أجرَتَها، ولا مطالبتَه بالضمانِ، فإنه كان ضامنًا لها، وكان يُطعِمُها بانتفاعِه بها مقابلةً لذلك (١).

فَصْلٌ

ثبَتَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمرَ: «ما أتاكَ من هذا المالِ وأنتَ غيرُ سائلٍ ولا مُشرِفٍ فخُذْه، وما لا؛ فلا تُتْبِعْه نفسَكَ» (٢)، وثبَتَ أيضًا أنَّ حكيمَ بنَ حِزامٍ سأله فأعطاه، ثم سأله فأعطاه، ثم سأله فأعطاه، ثم قال: «يا حكيمُ، ما أكثرَ مسألتَكَ، إن هذا المالَ خضِرةٌ حُلْوةٌ، فمن أخَذَه بسَخاوةِ نفسٍ؛ بُورِكَ له فيه، ومَن أخَذَه بإشرافِ نفسٍ؛ لم يُبارَكْ له فيه، وكان كالذي يأكُلُ ولا يشبَعُ»، فقال حكيمٌ: والذي بعَثكَ بالحقِّ، لا أرزَأُ بعدَكَ أحدًا شيئًا، فكان أبو بكرٍ وعمرُ يُعطِيانِه؛ فلا يأخُذُ (٣).

فتبيَّنَ بهذينِ الحديثينِ: أن الإنسانَ إذا كان سائلًا بلسانِه، أو مُشْرِفًا بقلبِه إلى ما يُعطاه؛ فلا ينبغي أن يقبَلَه؛ إلا حيثُ تُباحُ المسألةُ أو الاستشرافُ، وأما إذا أتاه من غيرِ مسألةٍ ولا إشرافٍ؛ فله أخذُه إن كان


(١) ينظر أصل الفتوى من قوله: (وإذا أعاد إليه … ) في مجموع الفتاوى ٣١/ ٢٨٤، الفتاوى الكبرى ٤/ ١٧٧.
(٢) رواه البخاري (١٤٧٣)، ومسلم (١٠٤٥).
(٣) رواه البخاري (١٤٧٢)، ومسلم (١٠٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>