للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الذرةِ يقالُ له المِزْرُ، وكان قد أُوتيَ جوامعَ الكَلِمِ، فقال: «كلُّ مُسكِرٍ حرامٌ» (١)، وقال: «كلُّ شرابٍ أسكرَ فهو حرامٌ» (٢)، واستفاضَتِ الأحاديثُ بذلك.

والحشيشةُ المسكِرةُ حرامٌ، ومَن استحلَّ السُّكْرَ منها فقد كفر؛ بل هي في أصحِّ قولَيِ العلماءِ نَجِسةٌ، فالخمرُ كالبولِ، والحشيشةُ كالعَذِرةِ (٣).

ويجبُ فيها الحدُّ، وإنما توقَّفَ بعضُ الفقهاءِ في الحدِّ؛ لأنه ظن أنها تُغطِّي العقلَ كالبنجِ، فيُعزِّرُه، والصحيحُ: أنها تُسكِرُ، وإنما كانت نجسةً بخلافِ البنجِ، وجوزةِ الطيبِ؛ لأنها تُسكِرُ بالاستحالة؛ كالخمر يسكر بالاستحالةِ أيضًا، والبنجُ يُغيِّبُ العقلَ، ويُسكِرُ بعدَ الاستحالةِ كجوزةِ الطيبِ، ومن ظن أن الحشيشةَ لا تُسكِرُ، وإنما تُغيِّبُ العقلَ بلا لذةٍ؛ فلم يعرفْ حقيقةَ أمرِها، فإنه لولا ما فيها من اللذةِ لم يتناوَلُوها، بخلافِ البنجِ ونحوِه.

والشارعُ اكتفى في المحرماتِ التي لا تَشْتهيها النفوسُ كالدمِ؛ بالزاجرِ الشرعيِّ، فجعل العقوبةَ التعزيرَ، وأما ما تَشْتهيه النفوسُ؛ فجعل مع


(١) رواه البخاري (٤٣٤٣)، ومسلم (١٧٣٣)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
(٢) رواه البخاري (٢٤٢)، ومسلم (٢٠٠١)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) ينظر أصل الفتوى من قوله: (وخمر العنب … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٣٤/ ٢٠١، الفتاوى الكبرى ٣/ ٤٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>