للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

ولا يجوزُ أن يُحبَّسَ شيءٌ من أراضي المسلمِينَ التي فُتِحتْ عَنْوةً؛ كمصرَ والسوادِ وبرِّ الشامِ على شيءٍ من معابدِ الكفارِ، لا كنائسَ، ولا دياراتٍ، ولا غيرِها؛ بل ولا يجوزُ لآحاد المسلمِينَ أن يُحبِّسَ عليها شيئًا من مالِه، فكيفَ يُحبَّسُ عليها أرضُ المسلمِينَ؟!

بل لو حبس الذمِّيُّ من مالِ نفْسِه شيئًا على معابدِهم؛ لم يجُزْ للمسلمِينَ أن يحكموا بصحتِه، وإذا رُفِع إلى وليِّ الأمرِ؛ حَكَم بفسادِه، وجعَلَه لورثةِ الذمِّيِّ إن كان قد مات؛ كذا نصَّ على هذا الأئمَّةُ؛ مالكٌ، والشافعيُّ، وأحمدُ، وغيرُهم.

وما كان في أيديهم من المزارعِ المحبسةِ على ذلك؛ فعلى الإمام أخذُه منهم.

وإذا زار أهلُ الذمَّةِ كنيسةَ بيتِ المقدسِ، فهل يقالُ لهم: يا حاجُّ، مثلًا؟ فمن اعتقد أن زيارتَها قربةٌ؛ فقد كفَرَ، فإن كان مسلمًا فهو مرتَدٌّ، يُسْتتابُ، فإن تاب وإلا قُتِل، وإن جهِل أن ذلك محرَّمًا؛ عُرِّف ذلك، فإن أصَرَّ؛ فقد صار مُرتَدًّا.

ومَن قال لأحدِهم: يا حاجُّ، فإنه يُعاقَبُ عقوبةً بليغةً تردَعُه عن مثلِ هذا الكلامِ الذي فيه تشبهُ القاصدينَ الكنائسَ بالقاصدينَ لبيتِ اللهِ الحرامِ، وفيه تعظيمٌ لذلك، وهو بمنزلةِ من يُشبِّهُ أعيادَ النصارى بأعيادِ المسلمِينَ ويُعظِّمُها، وأمثالُ ذلك (١) مما فيه تشبيهُ الذينَ كفروا من أهلِ


(١) قوله: (ذلك) زيادة من (ز).

<<  <  ج: ص:  >  >>