للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم التصديق على الحقيقة: كلام النفس، ولا يثبت كلام النفس إلا مع العلم، فإنا أوضحنا أن كلام النفس يثبت على حسب الاعتقاد. والدليل على أن الإيمان هو التصديق صريح اللغة، وأصل العربية، وهو لا ينكر فيحتاج إلى إثباته، ومن التنزيل: وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ [يوسف: ١٧]، معناه: ما أنت بمصدق لنا" (١).قال شيخ الإسلام: "فقد صرح - يعني الجويني - بأن كلام النفس لا يثبت إلا مع العلم، وأنه إنما يثبت على حسب الاعتقاد، وهذا تصريح بأنه لا يكون مع عدم العلم، وأنه إنما يثبت على سحب الاعتقاد، وهذا تصريح بأنه لا يكون مع عدم العلم، ولا يكون على خلاف المعتقد، وهذا يناقض ما أثبتوا به كلام النفس، وادعوا أنه مغاير للعلم" (٢).

وقال: "قلت: ليس الغرض هنا ذكر تناقضهم في مسمى الإيمان، وفي التصديق:

هل هو تصديق بوجود الله وقدمه وإلاهيته، كما قاله الأشعري؟ أو هو تصديق فيما أخبر به، كما ذكره غيره؟ أو التناقض، كما في كلام صاحب (الإرشاد)، حيث قال: الإيمان هو التصديق بالله، فالمؤمن بالله من صدقه؟ فجعل التصديق بوجوده هو تصديقه في خبره، مع تباين الحقيقتين، فإنه فرق بين التصديق بوجود الشيء وتصديقه، ولهذا يفرق القرآن بين الإيمان بالله ورسوله، وبين الإيمان للرسول، إذ الأول هو الإقرار بذلك، والثاني هو الإقرار له، كما في قوله: وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ [يوسف: ١٧]، معناه: ما أنت بمصدق لنا" (٣).قال شيخ الإسلام: "فقد صرح - يعني الجويني - بأن كلام النفس لا يثبت إلا مع العلم، وأنه إنما يثبت على حسب الاعتقاد، وهذا تصريح بأنه لا يكون مع عدم العلم، ولا يكون على خلاف المعتقد، وهذا يناقض ما أثبتوا به كلام النفس، وادعوا أنه مغاير للعلم" (٤).

وقال: "قلت: ليس الغرض هنا ذكر تناقضهم في مسمى الإيمان، وفي التصديق:

هل هو تصديق بوجود الله وقدمه وإلاهيته، كما قاله الأشعري؟ أو هو تصديق فيما أخبر به، كما ذكره غيره؟ أو التناقض، كما في كلام صاحب (الإرشاد)، حيث قال: الإيمان هو التصديق بالله، فالمؤمن بالله من صدقه؟

فجعل التصديق بوجوده هو تصديقه في خبره، مع تباين الحقيقتين، فإنه فرق بين التصديق بوجود الشيء وتصديقه، ولهذا يفرق القرآن بين الإيمان بالله ورسوله، وبين الإيمان للرسول، إذ الأول هو الإقرار بذلك، والثاني هو الإقرار له، كما في قوله: وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا [يوسف: ١٧]، وفي قوله: يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ [التوبة: ٦١]، وفي قوله: لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ [التوبة: ٩٤] وقد قال: فَآمِنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ [الأعراف: ١٥٨]، فميز بين الإيمان به من الإيمان بكلماته، وكذلك قوله: آمَنَّا بِاللهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا [البقرة: ١٣٦]، وقوله: كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ [البقرة: ٢٨٥].


(١) ((التسعينية)) (٢/ ٦٤٨)؛ وهو في ((الإرشاد))، (ص٣٣٣ - ٣٣٤)؛ ومثله في العقيدة النظامية، لكنه بين فيها أن من لم يأت بالقول فهو كافر كفر جحود وعناد. انظر: العقيدة النظامية، (ص٨٤).
(٢) ((التسعينية)) (٢/ ٦٤٩).
(٣) ((التسعينية)) (٢/ ٦٤٨)؛ وهو في ((الإرشاد))، (ص٣٣٣ - ٣٣٤)؛ ومثله في العقيدة النظامية، لكنه بين فيها أن من لم يأت بالقول فهو كافر كفر جحود وعناد. انظر: ((العقيدة النظامية))، (ص٨٤).
(٤) ((التسعينية)) (٢/ ٦٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>