وقفة مع محمود عوض الذي أبدى دهشته وأسفه لتحول منزل قاسم أمين "إلى كباريه .. كباريه اسمه .. اسمه الإريزونا! ".
وهمسة نهمسها في أذن محمود عوض هذا:- ألا تستقي العبرة .. ألا تستوحي من هذا أن هذه "الدعوة" توصل إلى هذه "النتيجة".
ز- في السيرة النبوية:
وعلى النهج الذي سلكناه في بيان أثرهم في بعض النواحي الفكرية فلن يشمل الحديث هنا أثرهم في جميع جوانب تأريخ السيرة النبوية وإنما في جانب هو أسها وقاعدتها وأعني به المعجزات المحمدية.
وممن تأثر بهم في هذه المسألة وسار على خطاهم محمد حسين هيكل في كتابه (حياة محمد) فهو حرصاً منه على تضييق نطاق الغيبيات التي لا تتفق مع عملية الغرب المادية، راح ينكر كل معجزة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ويستثنى من هذا – كما استثنوا – معجزة القرآن الكريم. حتى عنوان الكتاب (حياة محمد) يبدو التأثر فيه واضحاً فليس فيه ما يشير إلى رسالته أو نبوته بل "محمد" مجرد من كل شيء كأي "محمد" سواء، أليس هذا هو ما يبقى له بعد تجريده من المعجزات وأليس هذا هو مراد الغربيين من ذلك، وإن ثبت له شيء بعد هذا فإنما هي العبقرية لا النبوة، ولا أحسب هيكل أراد هذا بهذا العنوان وقصده وإنما هو التلقي والتأثر عن الغربيين من غير أن تترك له عين الرضا والإعجاب والدهشة التمحيص والتأمل وهو أمر أصاب غيره وكثير من قبله ومن بعده حتى ألفت الأسماع هذا وهو نشاز .. ويزداد خوفي عندما أقرأ له عند مناقشة إحدى القضايا عبارة "وندع الدين جانباً"(١) يزداد خوفي أن يكون أراد ترك الدين جانباً في عنوان كتابه (حياة محمد)؟!
أنكر أو أوَّل المعجزات لنبينا صلى الله عليه وسلم إلا معجزة القرآن الكريم، ونحن لا ننكر أن معجزته صلى الله عليه وسلم الكبرى هي القرآن الكريم ولكننا ننكر حصر معجزاته صلى الله عليه وسلم في ذلك وإنكار ما سوى المعجزة القرآنية كما بينا ذلك سابقاً.
فنحن المسلمون نؤمن بما ثبت من معجزاته صلى الله عليه وسلم غير القرآن الكريم، نؤمن بانشقاق القمر وبالإسراء والمعراج وقصة فرس سراقة وبصقة صلى الله عليه وسلم في عين علي فبرئت وكلها ورد في البخاري ومسلم. وغير ذلك من معجزاته الثابتة نؤمن بها ونؤمن مع هذا بمعجزة القرآن الكريم وأنه المعجزة الكبرى.