للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب الأول: أن الله - عز وجل - قال وما رميت إذ رميت [الأنفال:١٧] , يعني حين رميت فإن الله - عز وجل - هو الذي رمى، وظاهر الآية كما هو واضح أنه أثبت للنبي صلى الله عليه وسلم رميا فقال إذ رميت، ونفى عنه رميا بقوله وما رميت، والنظر الصحيح يدل على أنه لا بد من الجمع ما بين الرمي المنفي والرمي المثبت، وهذا يتضح بأن العبد إذا فعل الفعل فإن الفعل الذي يفعله سبب في حدوث المسبب، ولا يحصل المسبب ولا تحصل النتيجة بفعل العبد وحده في أكثر أو في جل المسائل؛ بل لابد من إعانة من الله - عز وجل -.

وهذا ظاهر في الرمي بخصوصه؛ لأن الرمي عن بعد له ابتداء وله انتهاء، فابتداء الرمي من النبي صلى الله عليه وسلم لكن الانتهاء بأن يصيب رمي النبل أو رمي الحصاة أن يصيب فلانا المشرك ويموت منه هذا من الله - عز وجل -؛ لأن العبد ما يملك أن تكون رميته ماضية فتصيب.

ولهذا فيكون العبد هنا متخلصا من رؤيته لنفسه ومن حوله وقوته مع فعله، فأراد - عز وجل - أن يعلم نبيه والمؤمنين أن يتخلصوا من إعجابهم ورؤيتهم لأفعالهم وأنفسهم، فقال: افعلوا ولكن الذي يمن عليكم ويسدد رميكم هو الله - جل جلاله -.

فيكون إذا معنى الله رمى أصاب بما أعان على التسديد.

الجواب الثاني: أنه لو قيل على قول الجبرية: إن الله هو الذي يفعل الأشياء لكان تقدير الآية كما قاله جماعة أن يقال في كل فعل فعله العبد (ما فعله ولكن الله فعله) كأن تقول: ما صليت إذ صليت ولكن الله صلى، وما زكيت إذ زكيت ولكن الله زكى، وما مشيت إذ مشيت ولكن الله مشى وهكذا في الأعمال القبيحة المشينة التي ينزه الله - عز وجل - عنها بالإجماع كقول القائل -أعوذ بالله - وما سرقت إذ سرقت ولكن الله سرق، وما زنيت إذ زنيت ولكن الله إلى آخره، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.

والقول إذا كان يلزم منه اللازم الباطل يدل على فساده وعدم اعتباره؛ لأن القول الحقيق والقول الصحيح والقول الحق لا يلزم منه لوازم باطلة.

والقول الباطل هو الذي ينشأ عنه لوازم باطلة، ما الفرق بين هذه وهذه؟

المصدر: شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ

٣ - إنكار كثير من أمور اليوم الآخر مثل: الصراط، الميزان، رؤية الله تعالى، عذاب القبر، القول بفناء الجنة والنار.

قول نفاة الجهمية أنه لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة.

المصدر:جامع الرسائل لابن تيمية – ١/ ٥٠

إنكار الجهمية الصراط

الصراط من الأمور الغيبية التي أعدها الله في يوم القيامة، وقد ثبت في الشرع بأحاديث صحيحة إضافة إلى قول الله عز وجل: وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما ًمقضياً [مريم:٧١] وفي الصراط تفاصيل طويلة وأخبار كثيرة، وقد حاولت حصر أكثر ما تيسر من أخباره في (الحياة الآخرة ما بين البعث إلى دخول الجنة أو النار) (١).

ونكتفي بإيجاز ما يهمنا ذكره هنا من أخبار هذا الأمر.

الصراط المراد به: ما ثبت في السنة النبوية أنه جسر ممدود على متن جهنم أدق من الشعرة وأحد من السيف، يعبره الخلائق بقدر أعمالهم إلى الجنة فمنهم من يجتازه ومنهم من يقع فيه.

وقد ورد في القرآن الكريم لفظة الصراط في تسعة وأربعين موضعاً-على معان مختلفة لكنها متقاربة في المعنى- مراداً بها الطريق أو طريق الهداية والرشاد. هذا في اللغة، ولكن السلف ما كانوا يغفلون حقيقته الشرعية من أنه جسر ممدود على متن جهنم، ولم يأت التصريح بذكره في القرآن الكريم.

غير أن هناك آيات بعض العلماء جعلها في ذكر الصراط وبعضهم يجعلها إشارة إليه، ومن ذلك:


(١) قدمتها لمرحلة الدكتوراه. انظر الباب العاشر منها من (ص١٢١١ إلى ص ١٣١٧)، ط ١، ١٤١٧هـ – ١٩٩٧م.

<<  <  ج: ص:  >  >>