للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن إدراك الحواس يوجب إدراك النفس, وإدراك النفس يوجب التصديق, ومن لا يراها علومًا لاحتمالها النقيض - إذ الحد قد يدرك الشيء على غير ما هو عليه - يزيد في الحد: في الأمور المعنوية؛ لأن العلم عندهم الصورة الكلية الحاصلة في العقل, ومن لا يصف الحواس بالإدراك يكون المعنى عنده: فيدخل إدراك النفس بواسطة الحواس.

واعلم أن هذا الحد للعلم المنقسم إلى تصور وتصديق خاصين, وهما اللذان يوجب كل واحد منهما لمن قام به أن يميز الأشياء على وجه لا يحتمل النقيض, فسقط ما اعترض به على المصنف, ولأن إدراك الحواس يحصل صورة الشيء, ويكون احتمال النقيض في التصور عدم كونه متصورًا على ما هو عليه, أو لأن التصور لا نقيض له يصدق عليه, أو نقول: الحد للتصديق اليقيني, ويكون المعنى: فيدخل التصديق بواسطة إدراك الحواس, فدخل تحت الحد.

وما قيل من أنه غير مطرد لدخول العقل, وغير منعكس لخروج الفقه, فغير وارد؛ لأن العقل ليس صفة توجب تميزًا, والفقه ليس بعلم بهذا المعنى. واعترض على عكس هذا الحد بالعلوم العادية, فإن العقل يحكم بأن العلم العادي يجوز أن يقع نقيض متعلقه, فإن الجبل إذا علم بالعادة أنه حجر جاز أم ينقلب ذهبًا عقلًا؛ لأن ذلك ممكن لذاته, والممكن جاز أن يقع بقدرة الفاعل المختار, ولو قال المصنف بدل يستلزم جواز النقيض: لجواز

<<  <  ج: ص:  >  >>