وقيل: المكسورة فرع المفتوحة. وقيل: كل منهما أصل برأسه.
فتبين بذلك أن إنكار أبي حيان على الزمخشري ذلك وأنه تَفَرَّد به -ممنوعٌ لهذا البناء. واعتراضه عليه بأنه يقتضي أنه لم يُوحَ إليه سِوَى التوحيد -عجيبٌ؛ لأن ذلك مِن قَصر القلب، فإن خطابه بذلك للمشركين، أي: ما يوحَى إلَيَّ في الربوبية إلا التوحيد، لا الإشراك الذي يعتقدونه.
وأيضًا فبتقدير كونه قصرًا حقيقيًّا قد يلتزمه الزمخشري على رأيه الفاسد في الاعتزال من إنكار الصفات، بل لَعَله مأخذه في تقرير الحصر هناك.
قلت: لكن لا يخرج بذلك عن كونه غير حقيقي؛ لأنه قد أُوحي إليه غير الصفات من فروع الشريعة والأخبار ونحوها.
والذي أظنه أن الشيخ أبا حيان إنما اعترض بما قاله سهوًا؛ لأن الكلام فيما حصر بِـ "أنما" الأخيرة المفتوحة، وذلك حصر الإلهية في واحد، وهذا حصر حقيقي لا تَردُّد فيه، وإنما يصلح هذا التقرير اعتراضًا على الحصر في "إنما" الأُولى وهي المكسورة، فإن أبا حيان ينازع في إفادتها الحصر أيضًا كما سبق، لكن كلامه مصرح بذلك في "أنما" الأخيرة.
نعم، قد يدفع قول الزمخشري بأن حصر الإلهية في واحد مستفاد من نفس الكلام، فإن لفظ "إلهكم" اسم جنس مضاف، فيعم، وقد حصر في واحد بالإخبار بذلك صريحا، فلا حاجة إلى إسناده إلى "أنما"؛ ولهذا جوَّز المعْرِبون أن "ما" في "أنفي" هذه موصولة، وما بعده صلة حُذِف صَدرُها، أي: هو إلهكم.
على أن عبارة أبي حيان يمكن أن تُؤَول بإعادة الكلام للأُولى، وأنه بعد خوضه في المفتوحة رجع لِمَا كان قَرره في "إنَّ" المكسورة؛ لأنهما في آية واحدة، ولكنه بعيد.