للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومَن تَردد قوله في أن الأمر عَيْن النهي عن الضد أو يتضمنه -كالقاضي كما سبق- طريقته هنا كذلك.

وكذا قال ابن الحاجب بعد نقل القولين عنه في الأمر: (وقال القاضي: والنهي كذلك فيهما) (١). أي: في الرأيين المنقولين عنه في "الأمر".

إلا أن كلامه يتضمن حكاية طريقة ثالثة: أن النهي ليس أمرًا بضد قطعًا، وأن الخلاف إنما هو في الأمر هل هو نهي عن ضده؟ أو لا؟

وذلك ظاهر من قوله: (ثم اقتصر قوم، وقال القاضي: النهي كذلك فيهما). أي: في أنه عَيْنه أو يتضمنه، أي: اقتصر قوم على أن الأمر نهي عن ضده، ولم يقولوا به في النهي، فلا يكون أمرًا بأحد أضداده.

ثم قال في أثناء الاستدلال تعبيرًا عن هؤلاء: (الفارُّ مِن الطَّرْد) إلى آخِره.

لكن قال السبكي في "منع الموانع" أنه لم يجد له في هذه الطريقة مستندًا مِن معقول ولا منقول.

قال: ولا رأيتها فيما رأيت مِن كتب الأصول، ولا أدري من أين أخذها؟

قال: ولَعَله أخذها مِن قول بعض الأصوليين في الاستدلال على أن الأمر ليس نهيًا عن ضده: "كما أن النهي ليس أمرًا بضده"، فكأنه مُقاس عليه؛ للقَطعْ فيه بذلك. لكن ليس [فيه] (٢) صراحة؛ لاحتمال أن يُراد ذِكر المسألتين معًا، واختيار النفي فيهما، لا لكون إحداهما أصلًا للأخرى. ولا عُلْقة له أيضًا بما سيأتي من الفرعين في الفقه الآتي بيانهما؛ لِمَا سنقرره من أن الفارق بينهما إنما ادُّعِيَ مساعدة العُرف له فيه، لا لهذا المعنى.


(١) مختصر المنتهى (٢/ ٤٨) مع (بيان المختصر).
(٢) في (ص): له.

<<  <  ج: ص:  >  >>