الثالث: وقع في كلام أصحابنا في الفقه مسألتان قد تتفرعان على هذه القاعدة، ووقع فيهما اضطراب شديد، نذكرهما باختصار، وهُما:
إذا قال لامرأته:(إن خالفتِ أمري فأنت طالق) ثم قال لها: (لا تكلمي زيدًا)، فكلمته، لم تطلق؛ لأنها خالفت نهيه، لا أمره.
ولو قال:(إن خالفتِ نهيى فأنت طالق)، ثم قال لها:(قومي)، فقعدت، الأظهر عند الإمام وغيره أنه لا يقع، لكن كلام "الروضة" يقتضي عكسه، وعليه جرى البارزي في "التمييز".
وهو مُشْكل؛ لأنه إنْ عمل بالقاعدة، فالمرجح فيها استواؤهما، خلافًا للطريقتين الأخيرتين كما سبق وإنِ اقتضى كلام الرافعي في "الشرح الصغير" تفرعهما على القاعدة، وإنْ لم يعمل بالقاعدة بل عمل بالعُرف كما أشار إليه الغزالي في "الوسيط" في الفرع الأول من كون أهل العُرف يَعُدُّونه مخالفًا للأمر، أي: حتى تطلق وإن كان ذلك خلاف قول الجمهور. ومنعوا العُرف فيه؛ إما لاضطرابه وإما لكون العُرف لا يَعُدُّ الأمر نهيًا ولا النهي أمرًا.
وأما مِن جهة اللغة فقد سبق أن لفظ الأمر ليس عَيْن النهي قطعًا ولا يتضمنه على الأصح، فأشكل الفرق بين الفرعين.