وأما كونه من عوارض المعاني أيضًا -أي: المستقلة التي ليست هي من مدلولات اللفظ المحكوم بأنه عام- فإن هذا قد تَقدم بيان تقرير العموم فيه، بخلاف ما نحن فيه وهو المعنى من حيث هو، وفيه مذاهب:
أحدها: أن العموم لا يكون في المعاني، لا حقيقة ولا مجازًا. حكاه ابن الحاجب وغيره.
ثانيها: أنه يكون في المعاني حقيقة كما يكون في الألفاظ، فيكون العموم موضوعًا للقَدْر المشترك بينهما بالتواطؤ على الأصح.
وقيل: موضوع لكل منهما حقيقة، فهو مشترك لفظي.
وممن قال بأنه حقيقة في المعاني كالألفاظ: أبو بكر الرازي من الحنفية، وحكاه عن مذهبهم، واختاره ابن الحاجب.
فيقال: عَمَّ المطرُ والخصبُ الناسَ، وعمهم العطاءُ، ونحو ذلك كله حقيقة.
والمذهب الثالث (وهو المختار وقول الأكثرين): أنه يكون من عوارض المعاني كما مثَّلنا، وأشرت إلى ذلك في النظم بقولي:
("الرَّشَد يَعُمُّنَا وَالْخِصْبُ وَالْمَطَرْ" لَكِنْ مَجَازًا) لا حقيقة.
ونقله مع الذي قبله الشيخ أبو إسحاق وجهين لأصحابنا وأنَّ الأكثرين على أنه مجاز، وكذا صححه إلْكِيَا وابن برهان.
ونقله عبد الوهاب في "الإفادة" عن الجمهور، واختاره الآمدي وغيره، وحملوا إطلادق عموم المطر والخصب ونحو ذلك على المجاز؛ لأن العام أمر واحد شامل لمتعدد، وعموم هذه ليس من ذلك؛ لأن الموجودَ [منها](١) في محلٍّ غيرُ الموجود منها في المحل الآخَر، فليس