للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لزوجته بالنفقة والسكنى حولًا كاملًا، فبيَّن الله تعالى أن العمل بهذه المدة لأجل الوصية غير لازمة؛ لأن الوصية بذلك لا تلزم، فلا نسخ.

وهذه الطريقة هي التي اختارها الإمام الرازي في تفسيره أيضًا، وقال: (إنها في غاية الصحة).

وذهب الشيخ تقي الدين السبكي إلى أنها غير منسوخة بطريقة رابعة، وهي أنَّ الله تعالى أنزل في المتوفَّى عنها زوجها آيتين: آية العدة بالأشهر، وآية الوصية. ومعناهما أنه جعل للأزواج وصية منه بِسكنى حَول كامل بعد وفاة زوجها، سواء أوصى الزوج بذلك أو لم يُوص.

قال (١): (وهذا هو ظاهر الآية، فلا يخرج عنه بغير دليل) (٢).

فإنْ قيل: فما ذكرته مِن التمثيل بآية النجوى قد اعترضه أبو مسلم بأن ذلك كان بسبب التمييز بين المنافق وغيره؛ لأنَّ المؤمن يمتثل والمنافق يخالف. فلما تميزَا، زال بزوال وقته، ومثل ذلك لا يكون نسخًا.

وجوابهم عنه بأنه "زال الحكم كيف كان" ضعيف جدًّا؛ لأنَّ الزوال بزوال الوقت ليس نسخًا قطعًا كما سبق.

بل الجواب أن الواحدي حكى الإجماع على أن هذه الآية منسوخة.

وقول أبي مسلم: (إن ذلك كان للتمييز) ممنوع؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عالمًا بالمنافقين وسمَّاهم لحذيفة صاحب سِره. وإنْ أريدَ التمييز للصحابة، فيبعُد أن يتميز الفريقَان في ساعة واحدة.


(١) القائل هو السبكي.
(٢) الإبهاج (٢/ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>