الأول: هذه الأقسام فيها خِلاف سوى ما سبق عن أبي مُسلِم الأصبهاني من منع النسخ بشيء في القرآن بالكُلية.
فمنع بعض الأصوليين نسخ الحكم دون التلاوة، قال: لأن القصد من التلاوة حُكمها، فإذا انتفى الحكم فلا فائدة في بقائها.
حكاه جماعة من الحنفية والحنابلة، وهو قادح في دعوى بعضهم الإجماع على الجواز.
ومنع بعضهم نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، وبه جَزَم شمس الأئمة السرخسي.
ومنع بعضهم القسمين معًا، قال: لأن أحدهما فيه بقاء الدليل بلا مدلول، والآخَر بقاء المدلول بلا دليل.
والصحيح الجواز؛ لأنهما شيئان متغايران، فيجوز رفع أحدهما وإبقاء الآخر.
الثاني: قسم أبو إسحاق المروزي والماوردي وابن السمعاني وغيرهم النَّسخ في القرآن ستة أقسام:
أحدها: ما نُسخ حُكمه وبقي رَسْمُه، وحُكم الناسخ ورسمه باقيان، كنسخ آية الوصية للوالدين والأقربين بآية المواريث، ونسخ عدة الوفاة حولًا بأربعة أشهر وعشر.
ثانيها: ما نُسخ حكمه ورَسْمه، وهُما في الناسخ ثابتان، كنسخ استقبال بيت المقدس باستقبال الكعبة، وصيام عاشوراء برمضان على رأْيٍ. وقيل: إنما كان استقبال بيت المقدس بالسُّنَّة، فنسخ بالقرآن.
ثالثها: ما نُسخ حكمه وبقي رسمه، ورُفع رسمُ الناسخ وبقي حكمه، كقوله تعالى: فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} [النساء: ١٥] الآية بِـ "الشيخ والشيخة" إلى آخِره.