وقولي:(أَوْ عَكْسُهُ) أي: يكون الناسخ قرآنا والمنسوخُ إما سُنَّة متواترة أو آحاد. فهذه أربعة مع تلك الخمسة تصير تسعة ظاهرة محسوسة، وهو معنى قولي:(فَقَسْمُهُ) بفتح القاف وضم الميم والهاء، وهي ضمير النَّسخ الذي هو مورد التقسيم.
والضمير في (تُحِسّهُ) عائد للقسم.
وقولي:(يُمْنَعُ مِنْهَا) إلى آخِره -أي: يمتنع مِن هذه الأقسام التسعة نسخ المتواتر بالآحاد؛ لضعفه كما سنذكره، فيخرج اثنان: نَسخ القرآن بالسّنَّة الآحاد ونَسخ السّنَّة المتواترة بالسّنَّة الآحاد، ثم يخرج من الباقي بعد هذين الاثنين أربعة، وهي: نسخ القرآن بالسُّنَّة المتواترة، وعكسه، ونسخ السُّنَّة المتواترة بمثلها، ونَسخ الآحاد بالسّنَّة المتواترة.
وإنما خرجت هذه الأربعة لِمَا سبق في الكلام في الإسناد أنَّ السُّنَّة لا يتحقق فيها متواتر لفظي في هذه الأزمان، بل كلها آحاد، إما في أولها وإما في آخِرها وإما مِن أول أسانيدها إلى الآخِر، وأنَّ ما ذكره كثير مِن أحاديث متواترة بَيَنَّا خِلاف ما ادَّعاه.
نعم، في الزمن القريب مِن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان التواتر موجودًا في كثير، ولكن صار بعد ذلك آحادًا، وإنما نتكلم بحسب ما صار الآن.
وكذلك لا كلام في المتواتر معنًى، وحينئذ فبقي -بعد إسقاطه ستة من التسعة- ثلاثةُ أقسام: نَسخ القرآن بالقرآن، ونسخ السّنَّة الآحاد بالسُّنَّة الآحاد، ونسخ السّنَّة الآحاد بالقرآن. وذكرت في النَّظم أمثلة الثلاثة.
فأما نسخ القرآن بالقرآن فكنَسخ الاعتداد بالحول في الوفاة بأربعة أشهر وعشر كما