للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نُسخ بقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٧] وقوله تعالى {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ}، هذا على رأي الجمهور الذين جوَّزوا نَسخ السُّنَّة بالقرآن وأنه وقع، ومَثَّلوا وقوعه بهذا وبأنَّ التوجُّه إلى البيت المقدَّس كان بالسُّنَّة، فنُسخ بقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٤]. وبأن عاشوراء كان واجبًا، فنُسخ بالقرآن وهو قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ} [البقرة: ١٨٥] [الآية] (١).

ولكن نُقل عن الشافعي قول بالمنع في ذلك، وأجاب مَن رجحه بأنَّ الشافعي لا ينكر الجواز العقلي كما يوهمه كلام ابن الحاجب حيث قال: (الجمهور على جواز نسخ السُّنَّة بالقرآن، وللشافعي قولان) (٢).

ثم قال: (لو امتنع إما لذاته) إلى آخِره.

وأما ما استندوا إليه في الوقوع من قصة المباشرة فقد يُمنع بما ذكره أبو عبيد في كتاب "الناسخ والمنسوخ"، وأنَّ الأكل والشرب والجماع ليلة الصيام بعد أن ينام الإنسان كان محُرَّمًا، ثم شُكي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله عز وجل: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ١٨٧] الآية. وكذا ذكره النحاس، فلم يُصرِّحا ولا غيرهما بأنَّ تحريم ذلك كان بالسُّنَّة. أي: فيجوز أن يكون بقرآن نُسخ لفظه واستمر حُكمه حتى نُسخ بالقرآن الثابت لفظًا وحُكمًا.

قلتُ: إطلاقهما يقتضي أنَّ ذلك كان بسُنة وإلا لَذُكِر المنسوخ.

نعم، في "البخاري" مِن حديث البراء قال: "لَمَّا نزل صوم شهر رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم. فأنزل الله تعالى: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ


(١) كذا في (ق، ص)، لكن في (ض، س، ش، ت مع هامشها): (نعم، سبق رد ذلك فيه وفي الآية).
(٢) مختصر المنتهى مع شرح الأصفهاني (٢/ ٥٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>