تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} الآية" (١). فهو أوضح في أنَّ ذلك لم يكن بقرآن؛ فهو بالسُّنَّة.
وكذا يُمنع في قصة استقبال بيت المقدس، فإنَّ الحازمي حكى قولين للعلماء في أنَّ التوجه للقدس هل كان بالقرآن؟ أو السنَة؟ بل القول بأنه كان بالقرآن هو ظاهر كلام الشافعي، وعليه يدل قوله تعالى:{وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا}[البقرة: ١٤٣] الآية. فإن الضمير في {جَعَلْنَا} لله تعالى، فالظاهر أنَّ الجعل كان بالقرآن.
لكن فيه نظر؛ فإنَّ ما في السُّنَّة هو مِن جَعْل الله تعالى وحُكمه.
وكذا يمنع في صوم عاشوراء أنه كان واجبًا ثم نُسخ، فإن ذلك إنما هو قول الحنفية، وحكاه عبد الرزاق في "مصنفه" عن علي وأبي موسى.
وأما أصحابنا فقالوا: لم يكن فرضًا قط. وقد بيَّن ذلك البيهقي في "الخلافيات" وأبو إسحاق الشيرازي في "النكت" وغيرهما من علمائنا.
تنبيهات
الأول: قد بينا أن ستة من الأقسام التسعة مخرَجة إما لضعف الناسخ وقوة المنسوخ، وإما لعدم وجود التواتر. فمِن ذلك نسخ القرآن بالسُّنَّة المتواترة.
قال ابن الحاجب: إن الجمهور على جوازه، ومنعه الشافعي.
ومقتضاه أنَّ تواتُر السُّنَّة موجود ولكن الشافعي يمنع جواز نسخ القرآن بالمتواتر.
فأما كونه موجودًا فلا؛ لِمَا أسلفناه. وأما منع الشافعي له لو وُجد فنصُّه في "الرسالة": (لا ينسخ كتاب الله إلا كتابه، كما كان المبتدِئ بفرضه فهو المزيل المثبِت لِمَا شاء منه جل