للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي: مِن شرع مَن قَبْله بإيحاء الله تعالى له بذلك، على معنى أنه موافِق، لا متابع.

قال إمام الحرمين: (وللشافعي مَيْل إلى هذا وبَنَى عليه أصلاً مِن أصوله في "كتاب الأطعمة"، وتابعه معظم أصحابه) (١).

والأصل الذي في الأطعمة: إذا وجدنا حيوانًا لا يمكن معرفة حِلِّه بشيء مِن مَآخِذ شريعتنا وثبت تحريمه في شرع مَن قَبْلنا، فأظهر القولين أنه يُستصحب تحريمه.

وهو قضية كلام عامة الأصحاب.

ومقابلُه: ما قاله الأكثرون: إنه لم يكن متعبدًا بعد النبوة بشرع غيره أصلًا.

فَعَلَى هذا يكون الراجح في مسألة أنَّ "شَرْع مَن قَبْلنا هل هو شَرْع لنا؟ " المنع إلا أنْ يُقَرَّر في شرعنا، وعليه جريتُ في النَّظم بقولي: (لَيْسَ بِذِي تَقَرُّرِ) في شرعنا، وهذه اللفظة هي المذكورة في البيت الذي بعده.

ثم افترق القائلون بالمنع:

فقالت المعتزلة: ذلك مستحيل عقلاً.

وقال غيرهم: شرعًا. وهو اختيار القاضي والإمام الرازي والآمدي.

تنبيهات

الأول: استند القائلون بأنه كان متعبدًا بعد البعثة بشرع مَن قبله بظواهر، نحو قوله تعالى: {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} [النحل: ١٢٣]، وقوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠]، وغير ذلك مما يَكرر مثله كثيرًا.


(١) البرهان في أصول الفقه (١/ ٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>