للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومثاله في القضاء ما رواه أبو داود من حديث أبي (١) سلمة: "أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلان يختصمان في مواريث وأشياء قد درست، فقال: إني إنما أقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل علَيَّ فيه" (٢).

وله - صلى الله عليه وسلم - أيضًا (مع منصب النبوة الذي أوتيه حين نزلت: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: ١] الآية ومنصب الرسالة الذي أوتيه بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: ٤ - ٣] ومع التصرفات السابقة) منصب الإمامة العظمى التي هي الرئاسة التامة والزعامة العامة الشاملة للخاصة والعامة بتدبير مصالح الخلائق وضبطها بدرء المفاسد وجلب المصالح إلى غير ذلك.

وهذا أَعَم مِن منصب الحاكم؛ لأن الحاكم مِن حيث هو حاكم ليس له إلا فَصْل الخصومات وإنشاء الإلزام بما يَحكم به.

وأَعَم مِن منصب الفتوى؛ فإنها مجرد الإخبار عن حُكم الله تعالى، وأما الرسالة والنبوة مِن حيث هُما فلا يستلزمان ذلك؛ لأنَّ النبوة [وَحْي بخاصة المُوحَى] (٣) إليه، والرسالة تبليغ عن الله تعالى، فهي مناصب جمعها النبي - صلى الله عليه وسلم -، آثارها مختلفة.

فإقامة الحدود وترتيب الجيوش وغير ذلك مِن منصب الإمامة، وليس لأحد بعده إلا لمن يكون إمامًا. والحكم والإلزام وفسخ العقود ونحو ذلك مِن منصب القضاء، وتبليغه الأحكام وغيرها من منصب الرسالة. والإخبار بأنَّ ذلك حُكم الله تعالى مِن منصب الفتيا الذي هو مِن جملة الرسالة، وما بَيْنه وبين ربه من أنواع العبادات لاسيما الخاصة به مِن


(١) كذا في جميع النسخ، والصواب كما في كتب الحديث: أُم.
(٢) سنن أبي داود (رقم: ٣٥٨٥). قال الألباني: ضعيف. (ضعيف أبي داود: ٣٥٨٥).
(٣) كذا في (ق، ش، ض)، لكن في (ص): وحي بخاصة الوحي. وفي (س، ت): وهي بخاصة الوحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>