للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأصح: المنع؛ لأنَّ كونه مِن البيت غير مقطوع به، وإنما هو مجتهد فيه، فلا يجوز العدول عن اليقين إليه.

قيل: وفي تفريع ذلك نظر.

وأما الثاني: وهو الوقوع ففيه أيضًا مذاهب:

أحدها وهو الأرجح: أنه وقع. وإليه الإشارة بقولي: (وَرُوِيَ الْكَثِيرُ مِنْ ذَا الضَّرْبِ). ففي حديث معاذ أنه قال: "أجتهد رأي" (١). وصَوَّبه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلو لم يَجُز لَمَا صَوَّبَه. هذا في الغائب.

وأيضًا فموافقات عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كلها شاهدة بذلك، و [هذه] (٢) في الحاضرين.

ومن ذلك أيضًا قول الصديق - رضي الله عنه - لأبي قتادة حين قَتل رجلًا مِن المشركين فأخذ غَيْرُه سَلبَه: "لاها الله (٣)، إذًا لا تَعْمد إلى أسَد مِن أُسْد اللهِ يقاتِل عن الله ورسوله فيعطيك سَلبَه". فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صَدَق" (٤).

فالصديق - رضي الله عنه - إنما قال ذلك اجتهادًا وإلا لَأَسْنَدَه إلى النص؛ لأنه أَدْعَى إلى الانقياد، وقرره النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك. فماذا جاز في الحاضر ففي الغائب أَوْلى.

ومَن منع هذا قال: هذه أخبار آحاد، والمسألة علمية.

نعم، زَعْم القاضي -ثُم إمام الحرمين ثُم الغزالي- أنَّ "حديث معاذ مشهور قَبِلَتْهُ


(١) سبق تخريجه.
(٢) كذا في (ق، ص)، لكن في (س): هذا.
(٣) قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري شرح صحيح البخاري، ٨/ ٣٧): (فَأَمَّا "لَاهَا الله" فَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: "هَا" لِلتنْبِيهِ، وَقَدْ يُقْسَمُ بِهَا، يُقَالُ: "لَاهَا الله مَا فعلت كَذَا").
(٤) صحيح البخاري (رقم: ٢٩٧٣، ٤٥٦٦)، صحيح مسلم (رقم: ١٧٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>