وخرج بقولنا:(إلى أَسْهَل) ما يُغَير إلى غَيْر أَسْهَل، كأنْ تغَيَّر إلى أشد، كالحدود والتعازير ونحوها مع قيام الدليل على تكريم الآدمي المقتضِي للمنع منها، وهو معنى قولي:(لِذِي سهولة). وهو أَحْسَن مِن تعبير "جمع الجوامع" بِـ "إلى سهولة"؛ لأنَّ "السهولة" مَصْدر ولا يُطْلَق على الحكم أو الفعل (على الرأيين) إلا مجازًا بتأويل.
قيل: ويخرج به أيضًا ما كان على مَن قَبلنا مِن الآصار ورُفِعَت في شريعتنا تيسيرًا وتسهيلًا. لكن هذا إنما يتفرع على أنَّ شَرْع مَن قَبلنا شرعٌ لنا وإلَّا فلا تغيير للحُكم أصلًا.
وخرج بقولنا:(لِعُذر) التخصيص أو التقييد المؤدِّي إلى أسهل حيث لا يَكون عُذر. نَعَم، إنْ ظَهَر عُذْر في المُخْرَج [بالتخصيص](١) أو التقييد، فلا يمتنع أنْ يُسَمى "رخصة"، بل الرُّخَص كلها كذلك.
ومنهم مَن يُخرج بِقَيْد "العُذْر" ما ثبت بدليل راجح على خِلاف دليلٍ آخَر مُعَارِضٍ له، وعن التكاليف، لأنَّ الأصلَ بَعْد ورود الشرع عَدَمُها، كما أطال فيه القرافي في كُتبه.
ولكن كلٌّ منهما ممنوع؛ لأنَّ الدليل المرجوح ليس بدليل حتى يُقال: إنها على خِلاف الدليل.
وأمَّا التكاليف فإنما يَكون "الأصلُ عَدَمها" دليلًا إذَا لم يكن لذلك الأصل مُعارِض، فأمَّا إذَا عارضته أدلة التكاليف فلا يصير دليلًا؛ ولذلك لم يُجعل رفعُه بالتكاليف مِن باب النَّسْخ كما سيأتي بيانه في موضعه.
وقولي:(مع قيام السبب الأصلي) أَصْوَب مِن قول ابن الحاجب: (مع قيام المُحَرِّم)؛ لأنه لا يدخل فيه قيام طلب الندب، كترك الجماعة لمطرٍ أو وحلٍ، ونحو ذلك.
فإنْ قِيل: هذا التعريف غير مطَّرد؛ لأنَّ ترك صلاة الحائض عزيمة لا رُخصة مع أنَّ