الحكم قد تَغير إلى أَسْهل؛ لِعُذْر وهو الحيض -مع قيام المقتضِي للصلاة لولا الحيض.
قِيل: إنْ كان المراد أنَّ تركها الصلاة زمن الحيض ليس يَصْدُق حَدُّ الرخصة عليه مِن حيث إنَّ الممنوع مِن الشيء مضيَّق عليه فيه بخلاف مَن سُومِح له في فِعله وتركه، فصحيح؛ فإنَّ التغيير ليس لِأَسهل. وإنْ كان المراد سقوط القضاء عنها فيما تتركه، فلا نُسَلم أنه لا يُسَمى "رُخصة".
فإنْ قِيل: لو كان رخصة لم يسقط في مَن ارتدت ثم حاضت، فقدْ صَرَّحوا -في الفَرق بينها وبين مَن ارْتَدَّ ثُم جُنَّ حيث يجب قضاؤه زَمَن الرِّدَّة- بأنه رخصةٌ في المجنون فلا يجامِعُ المعصية التي هي الردة، وعزيمةٌ في الحائض فلا قضاء.
قلتُ: إنما ذلك لِكَوْن المكلَّف الممنوع مِن الشيء وهو ممتثل له لا يجامعُه القضاء، بخلاف المجنون؛ فإنه نزل حال رِدَّته منزلة العاقل المستديم للردَّة، فَتقْضِي؛ لِكَوْنه مُكَلَّفًا.
قولي:(وفي المَرْضِي) إلى آخِره -أَيْ: المرتَضَى المختار تقسيم الرخصة إلى: واجبة، ومندوبة، إلى آخِره، خِلافًا لِمَن منع مجامعَة الرخصة لذلك، فالرخصة إمَّا واجبة أو مندوبة وهو معنى قولي:(تُرَى في السُّنَّةِ)، أو مباحة، أو خلاف الأَوْلى.
فالواجبة: كأكل الميتة للمضطر، فإنه واجبٌ على الأصح (وقيل: جائزٌ، لا واجب)، وإساغة اللقمة بالخمر لمن غصَّ؛ لأنَّ النَفْس أمانة عند المكلَّف؛ فيجب عليه حِفْظُها؛ ليستوفي الله حَقهُ منها بالتكاليف.
والمندوبة: كالقصر للمسافر إذا بلغ ثلاث مراحل.
والمباحة: كبيع العرايا كما صرح به في الحديث في قوله: "وأرخص في بيع العرايا"(١).
(١) صحيح البخاري (رقم: ٢٠٧٨) بلفظ: (رخص)، صحيح مسلم (رقم: ١٥٤١).