ولازِميَّته له عقلًا؛ فلذلك ينتقل الذهن من المسمَّى إليهما انتقالًا من الملزوم إلى اللازم.
والثالث: هو رأي الآمدي وابن الحاجب؛ لأن الجزء داخل فيما وُضع له اللفظ، بخلاف اللازم؛ فإنه خارج عنه.
فذكرتُ في النَّظم ما هو الحقّ أن للعقل دخولًا في التضمن والالتزام مع الاستناد للفظ، فليسا لفظيًّا محضًا كما في المطابقة، ولا عقليًّا محضًا حتى لا يحتاج للفظ فيهما، فكأنهما لفظيتان باعتبارٍ عقليتان باعتبارٍ، حتى زعم بعضهم أن الخلاف لفظي وأنه لا خلاف في المعنى؛ ولأجل ذلك كان تقسيم الدلالة اللفظية إلى الثلاثة، فاللفظ معتبَر فيها قطعًا وإلا فكان يلزم أن يدخل في المقسم ما ليس منه.
وقولي: (ثُمَّ الْمُرَادُ بِ "اللُّزُومِ" الذِّهْنِي) إشارة إلى أن المعتبر في دلالة الالتزام اللزوم الذهني (على المرجَّح)، لا الخارجي؛ وذلك لأن اللفظ غير موضوع للازم، فلو لم يكن اللازم بحيث يَلزم مِن تَصَوُّرِ مُسَمَّى اللفظ تَصَوُّرُه، لَمَا فُهم مِن اللفظ، وهو معنى تعليل المنطقيين لِكَوْنه المختار عندهم بِكَوْن الذهن ينتقل مِن المسمَّى إليه.
نعم، قيَّد في "المحصول" اللزوم الذهني بالظاهر؛ لأن القطع غير معتبر وإلا لم يَجُز إطلاق "اليد" على القدرة، فإن "اليد" ليست مستلزمة للقدرة بحسب القطع؛ إذ قد تكون شلَّاء.
قلتُ: لزوم القدرة لليد إنما هو لزوم خارجي باعتبار ما ركَّبه الله فيها؛ دليلُه أنَّ "اليد" لا يَلزم مِن تصوُّرها تَصوُّر القدرة لها، والتخلف في الخارج قد يكون لمانع كما في الشلاء، فالذهني لا يحتاج لهذا القيد أصلًا، وإنما لم يعتبر اللزوم الخارجي كالسرير مع الإمكان؛ لأنه إذا لم ينتقل الذهن إليه، لم تحصل الدلالة البتة، وقد تحصل الدلالة وليس هناك لزوم خارجي، كدلالة العمى على البصر، والحر على البرد.