واعتبر كثير مِن الأصوليين وأهل [البيان](١) اللزوم مطلقًا، أَعَم من الذهني والخارجي. وسواء أكان الذهني في ذهن كل أحد -كما في العدم والملكة- أو عند العالم بالوضع أو غير ذلك؟ ولهذا يجري فيها الوضوح والخفاء بحسب اختلاف الأشخاص والأحوال.
ولكن عند التحقيق تراهم يرجعون إلى لزوم ذهني ولو بقرينة تدل عليه وأصله خارجي، وذلك حتى ينتقل الذهن كما بيناه؛ فلذلك جريتُ في النَّظم على إطلاق اعتبار اللزوم الذهني؛ وفاقًا لمن قاله، فإنه الظاهر.
وقولي:(لَا خَارِجٌ) أي: ليس المعتبر مجرد اللزوم الخارجي؛ لأنَّ الدلالة قد توجد وليس هناك لزوم خارجي كما سبق، والله أعلم.
لَمَّا بيَّنتُ أنَّ اللفظ الموضوع لمعنى يُسمى "قولًا" وبيَّنتُ معنى "الوضع" ومعنى "الدلالة" وتقسيمها، ذكرتُ هنا أن القول ينقسم إلى مفرد ومركب، وقدمتُ في النظم تعريف "المركَّب"؛ لأن التقابل بينهما مِن تقابُل العدم والملَكَة، والأعدام إنما تُعرف بملكاتها. وإنما قَدَّم ابن الحاجب "المفرد" لمناسبة مختارِه في الفَرْق بين "المفرد" و"المركب" كما سيأتي.
فَ "المركَّب": ما دَلَّ جزؤه على جزء معناه الذي وُضع له، سواء أكان تركيبه إسناديًّا كَ