ابن حجر: وأعل ابن حبان وابن عدي وابن عبد البر والحاكم وغيرهم لحكاية ابن جريج، وأجابوا عنها على تقدير الصحة بأنه لا يلزم من نسيان الزهري له أن يكون سليمان بن موسى وهم فيه. وقد تكلم عليه أيضًا الدارقطني في "جزء من حدث ونسي" والخطيب بعده. اهـ.
ولما روى ابن حبان في "صحيحه" ٩/ ٣٨٤ من طريق ابن جريج، قال عقبه: هذا خبر أوهم مَن لم يُحْكِم صناعةَ الحديث أنه منقطع، أو لا أصلَ له بحكاية حكاها ابن عُلَيَّةَ عن ابن جريج في عَقِبِ هذا الخبر، قال: ثم لقيتُ الزهريَّ، فذكرتُ ذلك له فلم يَعْرِفْهُ، وليس هذا مِمَّا يهي الخبرُ بمثله. وذلك أن الخيِّر الفاضل المتقنَ الضابطَ من أهل العلم قد يُحدِّثُ بالحديث، ثم ينساه، وإذا سُئِلَ عنه لم يعرفه، فليس بنسيانه الشيء الذي حدَّثَ به بِدالٍّ على بُطلان أصل الخبر، والمصطفى - صلى الله عليه وسلم - خيرُ البشرِ صلَّى فسها، فقيل له: يا رسول الله أقُصِرَتِ الصلاةُ. أم نَسِيت؟ فقال:"كلُّ ذلكَ لم يَكُنْ" فلما جاز على من اصطفاه اللهُ لرسالته، وعَصَمَه منِ بين خلقه النسيانُ في أعمِّ الأمور للمسلمين الذي هو الصلاةُ حتى نسِيَ. فلما استَثْبَتُوه، أنكر ذلك، ولم يكن نسيانُه بِدَالٍّ على بُطلان الحكم الذي نَسِيَهُ، كان مَنْ بعدَ المصطفَى - صلى الله عليه وسلم - عن أُمَّتِه الذين لم يكونوا معصومين جوازُ النسيان عليهم أجوزُ، ولا يجوز مع وجوده أن يكون فيه دليلٌ على بُطلان الشيء الذي صحَّ عنهم قبلَ نسيانهم ذلك. اهـ.