للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليسرى، ففعل، فقال لك: أرأيت؟ ألست تستحمق هذا الرجل.

وإذ كان لا بُدَّ في الكمال في العبادة أن يُخْلَقُوا قابلين للكمال، ويُجْعَلَ لهم اختيارٌ، ويُمَكَّنُوا من العمل، ويكون الخلق والأمر بحيث يكون دون الخير عناءٌ ومشقَّةٌ= اقتضت الحكمة أن يكون ذلك، وهذا هو الابتلاء، وعليه قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: ٧].

ومن لازمِ الابتلاء ــ وقد عرفتَ تفصيله ــ أن يختلفوا في تَحَمُّل العناء والمشقَّة. فأما الملائكة فإن الله عزَّ وجلَّ اصطفاهم وعصمهم، فانحصر اختلافهم في تفاوت درجاتهم في الكمال، ومع ذلك فخوفهم من ربِّهم عزَّ وجلَّ شديدٌ، قال تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: ٥٠].

وقال سبحانه: {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: ٥٧].

الصحيح أن هذا صفةٌ للملائكة كما يأتي بعد إن شاء الله تعالى.

وفي العذاب الذي يخافه الملائكة وجهان:

الأول: أنه نقص درجات القرب، وأما النُزول [ز ٣] إلى دركات المقت فقد أَمِنُوه لإخبار الله عزَّ وجلَّ أنهم معصومون.

الثاني: أنه أَعَمُّ من ذلك، وأنهم لعلوِّ درجتهم في العلم بالله وشدَّة خشيتهم إياه يعلمون ما لا نعلم، وربما يُؤَدِّيهم ذلك إلى تجويز ما نراه غيرَ