للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القوى النفسية يمكن تربيتها بالرياضة المختصة بها. وهذا الأمر معروف من القِدَم بين اليونان وأهل الهند والصين وغيرهم.

والفلاسفة القدماء فريقان:

فريق يذهبون إلى اكتساب العلوم والمعارف بإعمال العقل والفكر، ويقال لهم: المشَّاؤون.

وفريق يذهبون إلى اكتسابه برياضة النفس وترقيتها، ويقال لهم: الإشراقيون.

قال غير واحد: فالمشَّاؤون كالمتكلمين من المسلمين، والإشراقيون كالمتصوِّفين.

وفي رسائل ابن سينا وغيره كثير من طريق الإشراقيين، ويسميها هو تصوفًا.

وقال البيروني (١): إن اشتقاق التصوف من كلمة يونانية هي سوفا، ومعناه: الحكمة، ومنها قيل: فيلسوف، وأصله باليونانية فيلا سوفا، أي: محبّ الحكمة، فعُرِّبت هذه الكلمة بالصاد، ونسب إليها الصوفي (٢).

أقول: واعلم أن أهل الرياضة من الأمم تختلف أغراضهم، فالحكماء


(١) هو أبو الريحان أحمد بن محمد -وقيل محمد بن أحمد- الخوارزمي العلامة المنجم الطبيب، اللغوي، من مؤلفاته: «الآثار الباقية عن القرون الخالية»، توفي سنة ٤٤٠ هـ. انظر: عيون الأنباء في طبقات الأطبَّاء ٢/ ٢٠ - ٢١، ومعجم الأدباء ١٧/ ١٨٠.
(٢) تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة ص ٢٤.