للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتدبروها ويعملوا بما فيها، فأمّا ما عدا ذلك فهو على ما وصَفْتُ.

هذا مع أن رؤيا الأنبياء وحي، فأما رؤيا غيرهم فإنها كما جاء [٨٠] في الحديث محتملة أن تكون صادقة، وأن تكون من حديث النفس، وأن تكون من الشيطان.

والكشفُ عند التحقيق ضرب من الرؤيا، غاية الأمر أن الروح إذا قويت وضعف الجسد صارت الروح تعمل في اليقظة مثل ما تعمل غيرها من الأرواح في النوم. والبرهان على هذا حديث البخاري وغيره عن أبي هريرة قال: قال النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لم يبق من النبوَّة إلا المبشِّرات»، قالوا: وما المبشِّرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة» (١).

فلو كان الكشف أقوى من الرؤيا لكان أولى بأن يستثنيه.

ثم رأيت في فتح الباري نقلًا عن الطيبي: « ... فلا يظهر على غيبه إظهارًا تامًّا وكشفًا جليًّا إلا لرسول ... وأما الكرامات فهي من قبيل التلويح واللمحات» (٢).

فأما حديث الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «ولقد كان فيما قبلكم من الأمم محدَّثون، فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر»، وفي روايةٍ: «فإن عمر بن الخطَّاب منهم» (٣). فقد تتبعنا


(١) البخاريّ، كتاب التعبير، باب المبشِّرات، ٩/ ٣١، ح ٦٩٩٠. [المؤلف]
(٢) انظر: فتح الباري ١٣/ ٢٨٤. [المؤلف]
(٣) البخاريّ، كتاب فضائل أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، باب مناقب عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، ٥/ ١٣، ح ٣٦٨٩، [من حديث أبي هريرة رضي الله عنه]. ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، بابٌ من فضائل عمر رضي الله عنه، ٧/ ١١٥، ح ٢٣٩٨، [من حديث عائشة رضي الله عنها]. [المؤلف].