للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما مَنْ ذُكِر من أهل البيت والصحابة فمقامه معروف, وأما من ذُكِرَ من غيرهم فعامَّتهم ممَّن عُرِفَ بالعلم والعمل والزهد والصلاح واشتهر بالولاية، ونُقِلَتْ عنهم كرامات كثيرة.

وكثير من الناس يقول في الآثار المتقدمة: إنها من باب التواضع. وهذا حقٌّ، ولكن قد تقدَّم عن يوسف بن أسباط تفسير التواضع. وليس المراد بالتواضع أن يخبر المرء عن نفسه بخلاف ما يعتقده؛ فإن هذا كذب، وقد كان السلف أبعد الناس عن الكذب مطلقًا.

وفي ترجمة القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق من «تهذيب التهذيب» (١): وقال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق: رأيت القاسم يصلِّي فجاء إليه أعرابي [٨١ ي] فقال له: أيما أعلم أنت أو سالم؟ فقال: سبحان الله، فكرَّر عليه، فقال: ذاك سالم فاسأله. قال ابن إسحاق: كره أن يقول: أنا أعلم من سالم، فيزكِّي نفسه, وكره أن يقول: سالم أعلم مني، فيكذب. قال: وكان القاسم أعلمهما».

وأنت ترى في هذه الآثار المتقدمة أن منهم من أقسم بالله تعالى وأكَّد اليمين.

وفي الآثار المتقدمة الحكم على الناس بأن المدَّعِيَ محروم، ومن رأى لنفسه فضلًا فلا فضل له، ومن رأى لنفسه ولاية فلا ولاية له، ومن حسَّن ظنه بالله ثم لا يخاف الله فهو مخدوع، وأن الذين ارتفعوا إنما ارتفعوا بالخوف، فإذا ضيَّعوا نزلوا، وأن من تعالى لقي عَطَبًا، وأنه مادام العبد يظنُّ أن في


(١) تهذيب التهذيب ٨/ ٣٣٤. وانظر: حلية الأولياء ٢/ ١٨٤.