للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إننا قد اخترنا مثلاً للتعبير عن الديمقراطية المعنى اللغوي كما يعرفه لنا أي قاموس اشتقاق، وهو مرتبط بتقاليد الثورة الفرنسية حيث يعتبر هذا المصطلح من إنتاجها اللغوي في هذا العصر.

ولكن ينبغي علينا في الواقع أن نعيد الكرة في تحديد الديمقراطية، ونحددها دون ربطها مسبقاً بأي مفهوم آخر كالإسلام، فننظر إليها على أعم وجوهها، أي في إطار عمومياتها قبل أن نربط الموضوع بأي مقياس مسبق.

ففي مثل هذا الإطار، الذي ستتضح مبرراته فيما بعد، يجب أن نعتبر الديمقراطية من ثلاث وجوه:

١ - الديمقراطية كشعور نحو الـ (أنا).

٢ - الديمقراطية كشعور نحو الآخرين.

٣ - الديمقراطية كمجموعة الشروط الاجتماعية السياسية اللازمة لتكوين وتنمية هذا الشعور في الفرد.

فهذه الوجوه الثلاثة تتضمن بالفعل مقتضيات الديمقراطية الذاتية والموضوعية، أي كل الاستعدادات النفسية التي يقوم عليها الشعور الديمقراطي، والعدة التي يستند عليها النظام الديمقراطي في المجتمع، فلا يمكن أن تتحقق الديمقراطية كواقع سياسي إن لم تكن شروطها متوفرة في بناء الشخصية وفي العادات والتقاليد القائمة في البلد.

فهذه الاعتبارات تكوِّن العموعيات التي تتحدد في نطاقها المشكلة بما تقتضيه من الوضوح، فهي تدلُّ بالخصوص على أن الشعور بالديمقراطية مقيد بشروط معينة لا يتحقق بدونها، وهذه الشروط ليست من وضع الطبيعة ولا من مقتضيات النظام الطبيعي، على خلاف ما كانت تتصوره الفلسفة الرومانتيكية في عهد جان جاك روسو، بل هي خلاصة ثقافة معينة وتتويج لحركة

<<  <   >  >>