للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فالكبار ينهالون علينا ضرباً بالعصا، إذا ما حدثتهم نفوسهم .. إن هذا من حقهم، وإنهم لا يخسررون شيئاً من عزتهم إذا ما دكّوا عظامنا ضرباً .. )).

فمن البيّن أن فيكتور هوجو وصف فى هذا الحوار وبكل دقة نفسية العبد الذي يقول (نعم) في كل الظروف، ونشعر كم في هذه الكلمة الإيجابية في لفظها من سلبية في معناها، إذ إن (نعم) هنا تساوي نافية، تلغي قيمة الـ (أنا)؛ أي أنها تنفي القاعدة الأساسية التي تبنى عليها الديمقراطية في نفس الفرد.

ولا يخلو الأدب العربي من هذه النماذج المعبرة عن نفسية العبد، إننا نجدها بالخصوص في كتاب ألف ليلة وليلة، حيث نرى في كل صفحة الأمير يأمر أو يهدد بضرب عنق، والجلاد يقول (نعم) السمع والطاعة يا مولانا.

وإننا لنجد صورة أخرى للنافية التي تنفي الشعور الديمقراطي نجدها في صورة المستعبد المستبد، كما يصفه القرآن الكريم لنا في الحوار المشهور الذي دار بين فرعون وموسى حيث يسأل الأول:

- {فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى؟} [طه: ٢٠/ ٤٩].

فيرد الثاني:

- {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: ٢٠/ ٥٠].

إننا نرى كم يعبِّر هذا السؤال عن نفسيّة الجبار المستبد الذي يريد استعباد الخلق، وكان ينتظر من موسى الاعتراف بمزاعمه في الربوبية، حتى أتى جواب الرسول فأثار غضبه لأنه كان رفضاً لمزاعمه.

ولكن المشهد يستمر فيزيد وضوحاً في تصوير المستبد، فنراه يندفع في كبريائه، ويرجئ الرسول إلى يوم الزينة ليكون موعداً له وللسحرة، فيتزايد غضب الطاغية المستبد عندما رأى كيد الشيطان مهزوماً والسحرة سُجَّداً:

<<  <   >  >>