للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الضيم عن مجتمع منهار، مجتمع ما بعد الموحدين، بينما كان من واجبنا أن نقف منه عن بصيرة طبعاً ولكن دون هوادة، لا نراعي في كل ذلك سوى مراعاة الحقيقة الإسلامية غير المستسلمة لأي ظرف في التاريخ، دون أن نسلم لغيرنا حق الإصداع بها والدفاع عنها لحاجةٍ في نفس يعقوب.

وعلى كلّ، فإن أمكننا أن نصرح بأننا نجد على كل وجه جانباً إيجابياً في هذا الاستشراق، فإننا لا نجده في صورة المديح، بل في صورة التفنيد.

فعندما يعلن الاستشراق أنه لا نصيب للعرب في تشييد صرح العلوم، وربما يؤدي بنا هذا الموقف المتطرف إلى تلافيه بعلمانية سطحية نشاهد أثرها حتى في إنتاج بعض المفسرين مثل طنطاوي جوهري، ولكن هذا الموقف يضطرنا، بما فيه من إفراط في الجحود، إلى طرح مشكلة الإسلام والعلم في صورة جديدة تتماشى أكثر مع سمو الدين ومنطق العلم، بحيث لا نصبح نبحث في الآيات الكريمة هل ذكر فيها شيء عن غزو الفضاء أو تحليل الذرة، وإنما نتساءل: هل في روحها ما يعطل حركة العلم، أو على العكس ما يشجعها وينميها؟

يجب على وجه الخصوص أن نتساءل، إذا ما كان يستطيع القرآن أن يخلق في مجتمع ما المناخ المناسب للروح العلمي، وأن يطلق فيه الأجهزة النفسية الضرورية لتقبل العلم من ناحية، ولتبليغه من أخرى.

هذه صورة المشكلة إذا ما طرحناها كما يجب طرحها، نعني من الجانب النفسي الاجتماعي، لا من جانب تاريخ تطور العلم، ولو كان علينا أن نبرر الفكر الإسلامي من هذه الناحية بالذات، لكفانا أن نضع في حسابه ابتكارين لولاهما لم يكن التقدم التكنولوجي في القرن العشرين شيئاً يتصوره العقل، أجل إن التقدم التكنولوجي يشمخ اليوم في فصل العلم النووي الذي لا يمكن للباحثين في هذا الفصل من علوم الطبيعة أن يحصلوا فيه على طائلٍ لولا

<<  <   >  >>