للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالغَرِيبُ أَنَّ سِيفَانَ يَعودُ بَعدَ ذَلكَ لِيَقُولَ إِنّ احتِلالَ الصَّلِيبِيِّين لِلقُدسِ أَثَّرَ عَلَى كِتَابةِ كِتَابِ الفَضَائِلِ خِلَالَ النّصفِ الأَوّلِ مِن القَرنِ السَّادسِ الهِجرِيِّ، وَأَنهُ لَم يَكن مِن قَبيلِ المُصَادَفةِ أَنَّ سَماعَ قِرَاءَاتِ الكُتبِ المُتَعلِّقَةِ بِفَضَائلِ القُدسِ قَد بَدَأَ يَظهَرُ بَعدَ رَدَّةِ الفِعلِ الإِسلَامِيّةِ زَمنَ الزِّنكِيِّينَ. ثُم يَقولُ إِنَّ عِمادَ الدِّينِ زِنكِيّ قَامَ بِحملَةِ دِعَايةٍ قَوِيّةٍ بِشأنِ القُدسِ، وأَنّ استعَادَتَهَا كَانت تُمَثّلُ الهَدفَ النِّهائِيَّ لِرَدَّةِ الفِعلِ الإِسلَامِيّةِ. وَقَد ازدَادت هَذِه الحَملةُ زَمنَ ابنِه نُورِ الدِّينِ، مِمّا نَشأَ عَنهُ زِيادَةُ الاهتِمَامِ بِكُتبِ فَضَائلِ القُدسِ في دَوائِرِ الحُكَّامِ وَفِي الرّأيِ العَامِّ عَلَى السَّوَاءِ، وَلِذَا فَقد أُضفِيَت (١) كُتبٌ جَديدَةٌ إِلى كُتبِ القَرنِ السّادسِ الهِجرِيّ، وزَادَ في الحَفزِ عَلَيهَا حَرَكةُ الجِهادِ، مِمّا تَأَتَّى عَنهُ ازدِهارُ هَذا النَّوعِ مِن الأَدبِ في جَمِيعِ أَرجَاءِ الشَّرقِ الأَوسَطِ، وَقد اضطَلَعَ هَذَا الأدبُ بِدورٍ مُهِمٍّ خِلالَ قَرنٍ وَنِصفٍ مِن بدءِ رَوَاجِهِ (٢).

ويُترَكُ لِلقَارِئِ مُلاحَظَةُ التَّنَاقضِ فِيمَا أَورَدَهُ هَذَا الكَاتِبِ في المَجَلّةِ اليَهُودِيّةِ المَعنِيَّةِ بِالدّرَاساتِ الشّرقِيّةِ.

بَل ثَمّةَ دَليلٌ آخرُ عَلَى التّناقُضِ في أقوالِ هَذَا الكَاتِبِ، عِندَمَا نُقَارنُ مَا قَالَه حَولَ عَدمِ استِثَارَةِ الحَمَاسِ لَدَى المُسلِمِينَ بَعدَ أَن احتَلَّ الفِرِنجُ القُدسَ، وَقولَهُ في مَكانٍ آخرَ مِن بحثِهِ في المجَلّةِ اليَهُودِيّةِ في مَعرِضِ حَدِيثِهِ عن كِتَابِ الوَاسِطِيِّ عن فَضَائِلِ القُدسِ إِنَّ إِجَازَةَ السّمَاعِ التِي وُجدَت عَلَى مَخطُوطَةِ هَذَا الكِتَابِ في مَكتَبةِ أَحمد بَاشَا الجَزّارِ في عَكّا ـ وَالنُّسخَةُ تَرجِعُ إِلَى مَا قَبلَ شَهرٍ


(١) كذا، والصواب: أضيفت. والله أعلم. (عمرو)
(٢) انظر: " Israel Oriental Studies", Jan . ١٩٧١, "The Beginnings of The Fadail al-Quds Literature", P ٢٦٥.

<<  <   >  >>