للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِن فَتحِ صَلَاحِ الدّينِ لِلقُدسِ ـ تُظهِرُ أَنّ فُقَهاءَ دِمَشقَ قَد استَعمَلُوا مَسجِدَ عَكَّا لِتنمِيةِ الإِحسَاسِ بِقدَاسَةِ القُدسِ وَلِإِعدَادِ الرَّأيِ العَامِّ الإِسلَامِيِّ للاستِعادَةِ الوَشِيكَةِ للمَدِينَةِ المُقَدّسَةِ (١).

٥ - أمَّا المُستَشرِقُ الرُّوسِيُّ أَغنَاطيُوس كرَاتشُكُوفِسكِي، فَإنّهُ يُلمّحُ إِلَى أَنَّ مَا أَسمَاهُ الأَدبَ الجُغرافِيَّ المُرتَبطَ بِفِلسطِينَ وَبِلادِ الشَّامِ ـ وَعَلى رَأسِ هَذَا الأَدبِ أَدبُ فَضَائلِ القُدسِ طَبعًا ـ يَرتَبطُ ارتِبَاطًا وَثيقًا في جَميعِ مَراحِلِه بِمَا أَسمَاهُ حَركةَ التّحرِيرِ التِي تَرجِعُ إِلَى عَهدِ صَلاحِ الدِّينِ أَو إِلَى مَا قَبلِ ذَلكَ بِقليلٍ، وَتَنتَهِي الفَترةُ الأُولَى لِهَذهِ الحَركةِ بِاستِردادِ عَكَّا وَطَرَابُلسَ في أَوَاخِرِ القَرنِ الثَّالِثِ عَشرَ المِيلَادِيِّ = أَوَاخِرِ القَرنِ السّابعِ الهِجرِيِّ. ثُم يَقولُ إِنّ هَذا الأَدبَ انتَعشَ فَترةً أُخرى بَعد أَن قَضَى المَمَاليكُ عَلى دَولَةِ أَرمِينيَا وَضَمُّوهَا إِلَى مِصرَ سَنةَ ١٣٧٥ م. ثُمّ نَمَا الأَدبُ الجُغرافِيُّ عن فِلسطِينَ نُمُوًّا غَيرَ عَادِيٍّ في القَرنَينِ الرّابِعِ عَشرَ وَالخَامِسِ عَشرَ المِيلَادِيّينِ = القَرنَينِ الثّامِنِ وَالتّاسِعِ الهِجرِيّينِ، وَهُو لَيسَ بِجَديدٍ إِذ أَنّه يَرتبِطُ بتَقَاليدَ أَدبِيّةٍ قَديمَةٍ جِدًّا (٢).

٦ - يَنقُلُ جُوِيتِينَ Goitein عن جُولد زِيهَر المُستَشرِقُ المَجَرِيُّ ـ دُونَ أَن يُقِرَّهُ عَلَى مَا كَتَبه ـ أَنّ عَبدَ المَلكِ بنَ مَروَانَ قَد أَرادَ بِبِنَائِه قُبّةَ الصّخرَةِ أَن يُحوّلَ الحَجّ إِلَى القُدسِ بَدَلًا مِن مَكّةَ زَمنَ ثَورةِ عَبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ وَذلكَ اتّكَاءً عَلَى حَديثٍ رَواهُ الزُّهرِيُّ عن قُدسِيَّةِ مَكّةَ وَالمَدِينَةِ وَالقُدسِ. وَيَنقُلُ كَذلكَ مَا ادَّعَاه هَذا المُستَشرِقُ المَجَرِي مِن أنّ الأَحَاديثَ الخَاصّةَ بِقَداسَةِ القُدسِ لَم


(١) انظر: " Israel Oriental Studies", Jan. ١٩٧١, PP. ٢٦٣, ٢٦٤.
(٢) انظر: «تاريخ الأدب الجغرافي العربي»، تأليف أغناطيوس كراتشكوفسكي، ترجمة صلاح الدين عثمان هاشم، القاهرة ١٩٦٥، (٢/ ٥٠٧).

<<  <   >  >>