للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

خَاصَّتِهِ وَرجَالِ قَصرِهِ بَل مِن أَبنَاءِ أُسرَتَهِ، وَلِذَا فَإِن مِنَ الصَّعبِ عَلَى المَرءِ أَن يَربِط بَينَ نَوبَةِ اضطِهَادٍ عَابِرَةٍ عَلَى يَدِ الحَاكِمِ بِأمرِ اللهِ وَبَينَ تَألِيفِ كُتبٍ عن فَضَائِلِ القُدسِ، وَكَأنَّمَا كَانَت هَذِهِ الفَضَائِلُ غَيرَ قَائِمَةٍ عِندَ المُسلِمِينَ حَتَّى تِلكَ الفَترَةِ وَتَطَلَّبَت ظُرُوفٌ عَابِرةٌ فَقَط أَن يُعَرَّفَ النَّاسَ بِهَا! ثُمَّ مَا الذِي تُخَفِّفُهُ كُتبٌ كَهَذِهِ عن فَضَائِلِ القُدسِ مِن حَملَةِ الاضطِهَادِ المَنسُوبَةِ إِلَى الحَاكِمِ بِأَمرِ اللهِ، وَمَا الذِي تُقَدِّمُهُ مِن تَبرِيرٍ لِأَعمَالِ الاضطِهَادِ؟ الوَاقِعُ أَنَّ كُتبَ الفَضَائِلِ تَحدَّثَت ضِمنَ مَا تَحدَّثَت بِهِ عن تَسَامُحٍ لَا مَثيلَ لَهُ في أَوَائلِ القَرنِ الأَوَّلِ الهِجرِيِّ = السَّابِعِ المِيلَاديِّ مِن خَلِيفَةِ المُسلِمِينَ عُمرَ بنِ الخَطابِ تِجَاهَ نَصَارَى القُدسِ عِندَ الفَتحِ العُمَرِيِّ، وَمِثلُ هَذِه الكُتبِ إِذَن مِن شَأنِهَا أَن تُعِيدَ إِلَى أَذهَانِ النَّاسِ تَسَامُحَ حُكَّامِ الإِسلَامِ تِجَاهَ الدِّيَانَاتِ الأُخرَى بَدَلًا مِن أَن تُبَرِّرَ تَعَصُّبَ الخَليفَةِ الفَاطِمِيِّ، حَتَّى وَإِن كَانَ نَوبَةً طَارِئَةً عَابِرَةً، مِن نَوبَاتِ إِنسَانٍ كَانَ يَنقُصُهُ الاعتِدَالُ وَالاتِّزَانُ في تَصَرُّفَاتِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ لَم يُعرَف عن

مُؤَلِّفَي الكِتَابَينِ الوَاسِطِيِّ وَأَبِي المَعَالِي المَقدِسِيِّ أَنَّهُمَا كَانَا مِن أَتبَاعِ مَذهَبِ الفَاطِمِيِّينَ الشِّيعِيِّ الإِسمَاعِيلِيِّ لِكَي يَدفَعُهُمَا ذَلكَ إِلَى كِتابَةِ مَا يُمَثِّلُ وَلَو دِفَاعًا ضِمنِيًّا عن تَصَرُّفَاتِ المُمَثِّلِ الرَّسمِيِّ الأَوَّلِ لِهَذَا المَذهَبِ، بَل إِنَّ مِن الوَاضِحِ أَنَّ كِلَا المُؤَلِّفَينِ كَانَ سُنِّيًّا مَن تُعظِّمُّهُ السُّنَّةُ ـ كَمَا يَتَّضِحُ مَثلًا مِن المَكَانَةِ المُتمِيِّزَةِ التِي خُصَّ بِهَا عُمرُ بنُ الخَطَّابِ في نُصُوصِ كِتَابِهِمَا ـ.

وَأَمَّا أَن تَكُونَ أَحدَاثُ ٤٠٧ هـ قَد أَدَّت إِلَى تَألِيفِ كُتبٍ في فَضَائلِ القُدسِ مِن أَجلِ جَمعِ الأَموَالِ لِتَرمِيمِ المَسجِدِ الأَقصَى فَرِوَايَةٌ غَرِيبًةٌ لَا تَثبُتُ لِلنَّقدِ وَالتَّمحِيصِ.

<<  <   >  >>