للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلِلأَمَانةِ العِلمِيَّةِ نُورِدُ فِيمَا يَلِي مَا كَتبَهُ ابنُ كَثيرٍ حَولَ أَحدَاثِ هَذِهِ السَّنَةِ:

«في رَبِيعِ الأَوَّلِ مِن سَنَةِ ٤٠٧ هـ احتَرَقَ مَشهَدُ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ بِكَربَلَاءَ وَأَروِقَتُهُ، وَكَانَ سَببُ ذَلكَ أَنَّ القَوَمَةَ أَشعَلُوا شَمعَتَينِ كَبِيرَتَينِ فَمَالَتَا في اللَّيلِ عَلَى التَّنَازِيرِ، وَنَفَذَت النَّارُ إِلَى غَيرِهِ حَتَّى كَانَ مَا كَانَ. وَفِي هَذَا الشَّهرِ أَيضًا، احتَرَقَت دَارُ القُطنِ بِبَغدَادَ وَأَمَاكِنُ كَثِيرَةٌ بِبَابِ البَصرَةِ، وَاحتَرَقَ جَامِعُ سَامِرَّاءَ. وَفِيهَا وَرَدَ الخَبَرُ بِتَشعِيثِ الرُّكنِ اليَمَانِيِّ مِنَ المَسجِدِ الحَرَامِ، وَسُقُوطِ جِدَارٍ بَينَ يَدَي قَبرِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - بِالمَدِينَةِ، وَأَنَّهُ سَقَطَت القُبَّةُ الكَبِيرَةُ عَلَى صَخرَةِ بَيتِ المَقدِسِ، وَهَذَا مِن أَغرَبِ الاتِّفَاقَاتِ وَأَعجَبِهَا.» (١).

أَمَّا أَنَّ أَضرَارًا قَد وَقَعَت في ثَلَاثَةِ مَبَانٍ مُقَدَّسَةٍ في سَنةٍ وَاحِدةٍ فَأَمرٌ تُثبِتُهُ رِوَايَةُ ابنُ كَثِيرٍ كَمَا رَأَينَا. وَأَمَّا الرَّبطُ بَينَ أَحدَاثٍ كَهَذِهِ وَبَينَ تَألِيفِ كُتبٍ في فَضَائِلِ القُدسِ فَهُو تَصَيُّدٌ غَرِيبٌ لِلشَّوَاهِدِ المَأخُوذَةِ قَسرًا مِن الرِّوَايَاتِ التَّارِيخِيَّةِ، وَيَكفِي أَن نُثِيرَ التَّسَاؤُلَاتِ التَّالِيَةَ حَولَ هَذَا الرَّبطِ التَّعَسُّفِيِّ:

١ - لِمَ يُكتَبُ عن فَضَائِلِ القُدسِ بَعدَ هَذِهِ الأَحدَاثِ مِن أَجلِ جَمعِ الأَموَالِ، وَلَا يُكتبُ في الوَقتِ نَفسِهِ عن فَضَائِلِ المَوَاقِعِ الأُخرَى التِي أَصَابَتهَا هَذِهِ الأَحدَاثُ كَذَلكَ؟

٢ - لِمَاذَا لَم تُؤَلَّف كُتبٌ عن فَضَائِلِ القُدسِ خَاصَّةً بَعدَ الرَّجفَاتِ التِي أَصَابَت المَسجِدَ الأَقصَى مِن قَبلُ ـ كَتِلكَ التِي وَقَعت سَنةَ ١٣٠ هـ مَثَلًا وَأُصلِحَ مَا نَشأَ عَنهَا مِن تَهَدُّمٍ زَمَنَ الخَلِيفَةِ المَنصُورِ، أَو تِلكَ التِي حَدَثَت بَعدَ ذَلكَ في زَمنِ ابنِهِ المَهدِيِّ، أَو التِي تَلَت ذَلكَ زَمنَ الخَلِيفَةِ المَأمُونِ وَأُصلِحَت عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ عَامَ ٢١٦ هـ ـ مِمَا سَبقَ أَن أُشِيرَ إِلَيهِ في صَفَحَاتٍ سَابِقَةٍ؟


(١) كتاب «البداية والنهاية» ط. دار الفكر العربي، القاهرة ١٩٣٣، (١٢/ ٤).

<<  <   >  >>