ضلت عقول ترى قديماً ... ما شأنُهُ الجُرم والفناء
وحكَمَتْ في الوجود طبعاً ... يُحدِثُه الماء والهواء
لم تر حلواً إزاء مُرّ ... تغذُوهم تربة وماء
الله ربي ولست أدري ... ما الجوهر الفرد والخلاء
ولا الهَيُولى التي تنادي ... ما لي عن صورة عراء
ولا وجودٌ ولا انعِدام ... ولا ثُبوتٌ ولا انتفَاء
والكَسْب لم أدر فيه إلا ... ما جلَبَ البيع والشراء
وإنما مذهبي وديني ... ما كان للناس أولياء
إذ لا فصولٌ ولا أصول ... ولا جدال ولا رياء
ما تبِعَ الصَّدْر واقتفينا ... يا حبذا كان الاقتفاء
كانوا كما يعلَمُون منهم ... ولم يكن ذلك الهَذَاء
يا أشعَرِيَّ الزمان إني ... أشعَرَني الصيفُ والشتاء
لم أُجْزَ بالشر غير شر ... والخَيرُ عن مثله جزاء
وإنني إن أكن مطيعاً ... فلست أَعصِي ولي رجاء
وإنني تحت حُكْم بار ... أطاعه العرش والثراء
ليس انتصارٌ بكم ولكن ... أتاحه الحُكْم والقضاء
لو حُدِّث الأشعريُّ عَمَّن ... له إلى رأيه انتماء
لقال أخبِرْهُم بأني ... مما يقولونه براء» (١)
قال أبو عبيدة: فهذه التنبؤات لها صلة بالغيب، والمسلم يبرأ من التخرصات والرجم بالغيب، ويعتقد أنّ هذا خلل كبير في عقيدته، قد يخرجه
(١) «تاريخ ابن خلدون» (١/٧١٦-٧١٩) .