أَنَا حُمَيْدٌ
١٢٩٨ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سَلَّامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَامِلِهِ عَلَى عُمَانَ «أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنَ الْمِسْكِ شَيْئًا حَتَّى يَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ» ⦗٧٥٦⦘ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: فَإِذَا بَلَغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَخُذْ مِنْهُ الزَّكَاةَ ". ثَنَا حُمَيْدٌ
١٢٩٩ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَذْهَبُ عُمَرُ - فِيمَا نَرَى - إِلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ الْبَحْرُ بِمَنْزِلَةِ مَا أَخْرَجَ الْبِرُّ مِنَ الْمَعَادِنِ، وَكَانَ رَأْيُهُ فِي الْمَعَادِنِ الزَّكَاةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُ، فَشَبَّهَهُ بِهِ، وَلَيْسَ النَّاسُ فِي الْمِسْكِ عَلَى هَذَا، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَعْمَلُ بِهِ , وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ، فَالْأَكْثَرُ مِنِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنْ لَا شَيْءَ فِيهِمَا، كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ، وَهُوَ رَأْيُ سُفْيَانَ وَمَالِكٍ جَمِيعًا، وَمَعَ هَذَا إِنَّهُ كَانَ قَدْ كَانَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَحْرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ تَأْتِنَا عَنْهُ فِيهِ سُنَّةٌ عُلِّمْنَاهَا، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ، فَنَرَاهُ مِمَّا عُفِيَ عَنْهُ، كَمَا عُفِيَ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ، وَأَنَّمَا يُوجِبُ الْخُمُسَ فِيمَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَحْرِ، مَنْ أَوْجَبَهُ تَشْبِيهًا بِمَا يُخْرِجُ الْبَرُّ مِنَ الْمَعَادِنِ، فَرَأَوْهُمَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَذَهَبَ مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ، إِلَى أَنَّهُمَا مُفْتَرِقِانِ، يَقُولُونَ: فَرَّقَتْ بَيْنَهُمَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَعَلَ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسَ، وَسَكَتَ عَنِ الْبَحْرِ، فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ شَيْئًا. ثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ هُمَا عِنْدَنَا، لَيْسَا بِمُتَسَاوِيَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا حُكْمَ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي غَيْرِ خُلَّةٍ، وَلَا اثْنَتَيْنِ، مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ صَيْدَ الْبِرِّ عَلَى الْمُحْرِمِينَ، وَأَوْجَبَ عَلَى ⦗٧٥٧⦘ قَاتَلِهِ مِنْهُمُ الْجَزَاءَ، وَأَبَاحَ لَهُمْ صَيْدَ الْبَحْرِ، وَلَمْ يَجْعَلْ فِيهِ جُنَاحًا وَلَا كَفَّارَةً وَكَذَلِكَ الْمَيْتَةُ، حَرَّمَ اللَّهُ مَيْتَةَ الْبَرِّ إِلَّا بِالزَّكَاةِ، وَجَاءَتِ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي مَيْتَةِ الْبَحْرِ , أَنْ قَالَ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» فَفَرَّقَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ بَيْنَ حُكْمِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ فَجَعَلَ مَا فِي الْبَحْرِ مُبَاحًا لِآخِذِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَكَذَلِكَ نَرَى سَائِرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِمَنْزِلَتِهِ، عَلَى أَنَّهُ قُدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ جَعَلَ فِيهِ شَيْئًا , وَذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ لَيْسَ بِثَابِتٍ عَنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute