١٣١ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ، حَتَّى يَنْزِلَ الْحِيرَةَ. ثُمَّ يَمْضِي إِلَى الشَّامِ، فَسَارَ خَالِدٌ حَتَّى نَزَلَ الْحِيرَةَ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَأَخْرَجَ إِلَيَّ ابْنُ بُقَيْلَةَ كِتَابَ خَالِدٍ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى مَرَازِبَةِ فَارِسَ، السَّلَامُ ⦗١٤٤⦘ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّ خِدْمَتَكُمْ وَفَرَّقَ كَلِمَتَكُمْ، وَوَهَنَ بَأْسَكُمْ، وَسَلَبَ مُلْكَكُمْ، فَإِذَا أَتَاكُمْ كِتَابِي هَذَا فَاعْتَقِدُوا مِنِّي الذِّمَّةَ، وَاجْبُوا إِلَيَّ الْجِزْيَةَ، وَابْعَثُوا إِلَيَّ بِالرَّهْنِ، وَإِلَّا فَوَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَأَلْقَيَنَّكُمْ بِقَوْمٍ يُحِبُّونَ الْمَوْتَ كَمَا تُحِبُّونَ الْحَيَاةَ، وَالسَّلَامُ»
١٣٢ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَامِلُ أَبِي بَكْرٍ يَدْعُو أَهْلَ فَارِسَ إِلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ، وَهُمْ مَجُوسٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَبِلَهَا عُمَرُ مِنْهُمْ، بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَبِلَهَا عُثْمَانُ مِنَ الْبَرْبَرِ، وَقَدْ صَحَّتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ، أَنَّهُمْ قَبِلُوَهَا مِنْهُمْ، ثُمَّ تَكَلَّمَ النَّاسُ بَعْدُ فِي أَمْرِهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا قُبِلَتْ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ، وَيُحَدِّثُونَ بِذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ. وَلَا أَحْسَبُ هَذَا مَحْفُوظًا عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ لَمَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَبَائِحَهُمْ وَمُنَاكَحَتَهُمْ، وَهُوَ ⦗١٤٥⦘ كَانَ أَوْلَى بِعِلْمِ ذَلِكَ، وَلَا اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ عَلَى كَرَاهِيَّتِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَبِلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ، حِينَ نَزَلَتْ {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦] وَيُحَدِّثُونَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ تَأَوَّلَ هَذِهِ الْآيَةَ، فِي بَعْضِ النَّصَارَى مِنَ الرُّومِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute