فَأَمَّا مَالِكٌ
١٧٣٨ - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: فَإِنَّ ابْنَ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الدَّيْنِ , أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَإِنْ أَقَامَ عِنْدَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ سِنِينَ ثُمَّ اقْتَضَاهُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فِيهِ إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ , فَإِنْ قَبَضَ مَنْهُ شَيْئًا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ , فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ سِوَى الَّذِي اقْتَضَى , تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ , فَإِنَّهُ يُزَكِّي مَعَهُ الَّذِي اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَاضٌّ غَيْرُ الَّذِي خَرَجَ مِنْ دَيْنِهِ , فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ , وَلَكِنْ لِيَحْفَظْ عَدَدَ مَا اقْتَضَى , فَإِنِ اقْتَضَى بِعَدَدِ ذَلِكَ مَا يَتِمُّ بِهِ الزَّكَاةُ , فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ , فَإِنْ كَانَ قَدِ اسْتَهْلَكَ مَا اقْتَضَى , أَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ , فَإِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ مَعَ مَا يَقْتَضِي مِنْ دَيْنِهِ , فَإِذَا بَلَغَ مَا ⦗٩٦١⦘ اقْتَضَى عِشْرِينَ دِينَارًا , أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ , ثُمَّ مَا اقْتَضَى بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ , فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ بِحِسَابِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» . حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ
١٧٣٩ - قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَمَّا قَوْلُ سُفْيَانَ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ , فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ الزَّكَاةَ وَاجِبَةً عَلَيْهِ إِذَا قَبَضَهُ لِمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ , إِذَا كَانَ الدَّيْنُ فِي مَوْضِعِ الْمَلَاءِ وَالثِّقَةِ , فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لَيْسَ بِمَرْجُوٍّ كَالْغَرِيمِ يَجْحَدُهُ صَاحِبُهُ مَا عَلَيْهِ , أَوْ يُعْدِمُ حَتَّى لَا يَقْدِرُ عَلَى الْأَدَاءِ , أَوْ يُضَيِّعُ الْمَالَ فَلَا يَصِلُ إِلَى رَبِّهِ , وَلَا يَعْرِفُ مَكَانَهُ , ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ مَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ , فَإِنِّي لَا أَحْفَظُ قَوْلَ سُفْيَانَ فِي هَذَا بِعَيْنِهِ , إِلَّا أَنَّ جُمْلَةَ قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ , أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِمَّا مَضَى مِنَ السِّنِينَ , وَلَا زَكَاةَ سَنَةٍ أَيْضًا , وَهَذَا عِنْدَهُمْ كَالْمَالِ الْمُسْتَفَادِ يَسْتَأْنِفُ صَاحِبُهُ بِهِ الْحَوْلَ. حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَمَّا الَّذِي أَخْتَارُهُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ , فَالْأَخْذُ بِالْأَحَادِيثِ الْعَالِيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ عُمَرَ , وَمَنْ سَمَّيْنَا مَعَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ , أَنَّهُ يُزَكِّيهِ فِي كُلِّ عَامٍ مَعَ مَالِهِ الْحَاضِرِ , إِذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْأَمْلِيَاءِ الْمَأْمُونِينَ لِأَنَّ هَذَا حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَا فِي يَدِهِ فِي بَيْتِهِ وَإِنَّمَا اخْتَارُوا , أَوْ مَنِ اخْتَارَ مِنْهُمْ , تَزْكِيَةِ الدَّيْنِ مَعَ عَيْنِ الْمَالِ , لِأَنَّ مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ حَتَّى يَصِيرَ إِلَى الْقَبْضِ , لَمْ يَكَدْ يَقِفْ مِنْ زَكَاةِ دَيْنِهِ عَلَى حَدٍّ , وَلَمْ يَقُمْ بِأَدَائِهَا , وَذَلِكَ أَنَّ الدَّيْنَ رُبَّمَا اقْتَضَاهُ رَبُّهُ مُتَقَطِّعًا , كَالدَّرَاهِمِ الْخَمْسَةِ وَالْعَشْرَةِ , وَالْأَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ وَالْأَقَلِّ , فَهُوَ ⦗٩٦٢⦘ يَحْتَاجُ فِي كُلِّ دِرْهَمٍ يَقْبِضُهُ , فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ , إِلَى مَعْرِفَةِ مَا غَابَ عَنْهُ مِنَ السِّنِينَ وَالشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ , ثُمَّ يُخْرِجُ زَكَاتَهُ بِحِسَابِ مَا يُصِيبُهُ , وَفِي أَقَلِّ مِنْ هَذَا مَا يَكُونُ الْمَلَالَةُ وَالتَّفْرِيطُ , فَلِهَذَا أَخَذُوا بِالِاحْتِيَاطِ فَقَالُوا: يُزَكِّيهِ مَعَ جُمْلَةِ مَالِهِ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ وَهُوَ عِنْدِي وَجْهُ الْأَمْرِ فَإِنْ أَطَاقَ ذَلِكَ الْوَجْهَ الْآخَرَ مُطِيقٌ , حَتَّى لَا يَشِذَّ عَنْهُ مِنْهُ شَيْءٌ، فَهُوَ وَاسِعٌ لَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهَذَا كُلَّهُ فِي الدَّيْنِ الْمَرْجُوِّ الَّذِي يَكُونُ عَلَى الثِّقَاتِ , فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ , وَكَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ يَائِسًا مِنْهُ , أَوْ كَالْيَائِسِ , فَالْعَمَلُ فِيهِ عِنْدِي عَلَى قَوْلِ عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ فِي الدَّيْنِ الظَّنُونِ , وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الَّذِي لَا يَرْجُوهُ , أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي الْعَاجِلِ , فَإِذَا قَبَضَهُ زَكَّاهُ لِمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ. حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ
١٧٤٠ - قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا , وَمِنْ قَوْلِ مَنْ يَرَى عَلَيْهِ زَكَاةً عَامَّةً، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالَ , وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ غَيْرَ رَاجٍ لَهُ , وَلَا طَامِعَ فِيهِ , فَإِنَّهُ مَالُهُ وَمِلْكُ يَمِينِهِ , مَتَى ثَبَتَهُ عَلَى غَرِيمِهِ بِالْبَيِّنَةِ , أَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ إِعْدَامٍ , كَانَ حَقُّهُ جَدِيدًا عَلَيْهِ , فَإِنْ أَخْطَأهُ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ , وَكَذَلِكَ إِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ الضَّيَاعِ , كَانَ لَهُ دُونَ النَّاسِ , فَلَا أَرَى مِلْكَهُ زَالَ عَنْهُ عَلَى ⦗٩٦٣⦘ حَالِهِ , وَلَوْ كَانَ زَالَ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ عِنْدَ الْوِجْدَانِ , فَكَيْفَ يَسْقُطُ حَقُّ اللَّهِ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَالِ , وَمِلْكُهُ لَمْ يَزَلْ عَنْهُ؟ أَمْ كَيْفَ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ إِنْ كَانَ غَيْرَ مَالِكٍ لَهُ؟ فَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي دَاخِلٌ عَلَى مَنْ رَآهُ مَالًا مُسْتَفَادًا، وَدَاخِلٌ عَلَى مَنْ رَأَى عَلَيْهِ زَكَاةَ عَامٍ وَاحِدٍ , أَنْ يُقَالَ لَهُ: لَيْسَ يَخْلُو هَذَا الْمَالُ مِنْ أَنْ يَكُونَ كَالْمَالِ يَفِيدُهُ تِلْكَ السَّاعَةِ , عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْعِرَاقِ , فَلْيُنْفِدُ فِي ذَلِكَ مَا يَلْزَمُهُمْ مِنَ الْقَوْلِ , أَوْ أَنْ يَكُونَ كَسَائِرِ مَالِهِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ لَهُ , فَعَلَيْهِ زَكَاةُ مَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ , كَقَوْلِ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ , فَأَمَّا زَكَاةُ عَامٍ وَاحِدٍ فَلَا نَعْرِفُ لَهُ وَجْهًا , وَلَيْسَ الْقَوْلُ عِنْدِي إِلَّا عَلَى مَا قَالَا: إِنَّهُ يُزَكِّيهِ لِمَا مَضَى , وَإِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْهُ تَعْجِيلُ إِخْرَاجِهَا مِنْ مَالِهِ كُلَّ عَامٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَائِسًا مِنْهُ , فَأَمَّا وُجُوبُهَا فِي الْأَصْلِ فَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مَا دَامَ لِذَلِكَ رِبًا فَهَذَا مَا فِي تَزْكِيَةِ الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضُ وَبَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ صَاحِبُهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الْأَدَاءِ , وَلَكِنَّهُ أَرَادَ تَرْكَ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ , وَأَنْ يَحْتَسِبَهُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ الَّذِي فِي يَدِهِ , فَإِنَّ هَذَا قَدْ رَخَّصَ فِيهِ بَعْضُ التَّابِعِينَ , وَهَذَا ذِكْرُ ذَلِكَ